_________________
جمعت للسيد في بني هاشم ألفين وثلاثمائة قصيدة ، فخلت أن قد استوعبت شعره ، حتى جلس إلي يوما رجل ذو أطمار رثّة فسمعني أنشد شيئا من شعره ، فأنشدني له ثلاث قصائد لم تكن عندي ، فقلت في نفسي لو كان هذا يعلم ما عندي كلّه ثمّ أنشدني بعده ما ليس عندي لكان عجيبا ، فكيف وهو لا يعلم ، وإنما أنشد ما حضره ، وعرفت حينئذ أن شعره ليس ممّا يدرك ولا يمكن جمعه كلّه.
وفي طبقات الشعراء لابن المعتزّ أيضا : ٨ : وحكى عن السدري أنّه كان له [أي للسيّد] أربع بنات ، وأنّه حفّظ كلّ واحدة منهنّ أربعمائة قصيدة من شعره. وفي الأغاني ١٥/٧ ، وطبقات الشعراء في أخبار السيّد : ٤٩ ، باختلاف يسير بينهما كثير في الأبيات واللفظ للأوّل : كان السيّد يأتي الأعمش سليمان بن مهران الكوفي المتوفّى سنة ١٤٨ ، فيكتب عنه فضائل عليّ رضي اللّه عنه [صلوات اللّه وسلامه عليه] ويخرج من عنده ويقول في تلك المعاني شعرا ، فخرج ذات يوم من عند بعض أمراء الكوفة ، وقد حمله على فرس وخلع عليه فوقف بالكناسة ، ثمّ قال : يا معشر الكوفيّين! من جاءني منكم بفضيلة لعلّي بن أبي طالب [عليه السلام] لم أقل فيها شعرا أعطيته فرسي هذا وما عليّ. فجعلوا يحدّثونه وينشدهم حتى أتاهم رجل منهم وقال : إنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب رضي اللّه تعالى عنه [صلوات اللّه وسلامه عليه] عزم على الركوب فلبس ثيابه وأراد لبس الخفّ فلبس أحد خفيه ثمّ أهوى إلى الآخر ليأخذه فانقض عقاب من السماء فحلّق به ثمّ القاه فسقط منه أسود وانساب فدخل جحرا فلبس عليّ رضي اللّه عنه [صلوات اللّه وسلامه عليه] الخفّ ، قال : ولم يكن قال في ذلك شيئا ففكر هنيئة ثمّ قال :
ألا يا قوم للعجب العجاب |
|
لخفّ أبي الحسين وللحباب |
عدوّ من عداة الجنّ وغد |
|
بعيد في المرادة من صواب |
أتى خفّا له وانساب فيه |
|
لينهش رجله منه بناب |
لينهش خير من ركب المطايا |
|
أمير المؤمنين أبا تراب |
فخرّ من السماء له عقاب |
|
من العقبان أو شبه العقاب |
فطار به فحلّق ثمّ |
|
أهوى به للأرض من دون السحاب |
فصكّ بخفّه وانساب منه |
|
وولّى هاربا حذر الحصاب |
إلى جحر له فانساب فيه |
|
بعيد القعر لم يرتج بباب |