__________________
قال : وكان له ثلاث آلاف [وستّمائة] شيخ ، وصنّف كتبا كثيرة ، ولم يتأهّل قط ، قلت : هذا العدد لشيوخه لا أعتقد وجوده ولا يمكن ، قال عمر العليمي : وجدت على ظهر جزء : مات الزاهد أبو سعد السمّان ، شيخ العدلية وعالمهم ومحدّثهم في شعبان سنة خمس وأربعين وأربعمائة ، وكان إماما بلا مدافعة في القراءات والحديث والرجال والفرائض والشروط ، عالما بفقه أبي حنيفة ، وبالخلاف بينه وبين الشافعي ، وعالما بفقه الزيديّة ، وكان يذهب مذهب أبي هاشم الجبائي ، دخل الشام والحجاز والمغرب ، وقرأ على ثلاثة آلاف شيخ ، قال : وكان يقال في مدحه إنّه ما شاهد مثل نفسه ، وكان تاريخ الزمان وشيخ الإسلام ، قلت : بل شيخ الاعتزال ، ومثل هذا عبرة ، فإنّه مع براعته في علوم الدين ما تخلّص بذلك من البدعة!.
وقال الذهبي في العبر ٢٠٩/٣ في حوادث سنة خمس وأربعين وأربعمائة : وأبو سعد السمّان إسماعيل بن عليّ الرازي الحافظ ، سمع بالعراق ومكّة ومصر والشام ، وروى عن المخلّص وطبقته ، قال الكتّاني : كان من الحفّاظ الكبار ، زاهدا ، عابدا ، يذهب إلى الاعتزال. قلت : كان متبحّرا في العلوم وهو القائل : من لم يكتب الحديث لم يتغرغر بحلاوة الإسلام ، وله تصانيف كثيرة يقال إنّه سمع من ثلاثة آلاف شيخ وكان رأسا في القراءات والحديث والفقه ، بصيرا بمذهب أبي حنيفة والشافعي ، لكنه من رؤوس المعتزلة وكان يقال : إنّه ما رأى مثل نفسه!
وذكره الزركلي في الأعلام ٣١٦/١ ، والرسالة المستطرفة : ٤٥ ، ومجلة المجمع العلمي العربي ٢٧٨/١٦.
أقول : إنّما ذكرت تفصيل ما ذكره في تهذيب تاريخ دمشق ، وتذكرة الحفاظ ، وأنساب السمعاني ، والجواهر المضيئة لما تضمّنت كلماتهم من التعريف بالمترجم.
بحث في مذهب المعتزلة
المعتزلة طوائف كثيرة تربو على عشرين فرقة ، وكلّهم مخالفون للإماميّة في كثير من اصول الدين والفروع ، إلاّ أنّ الّذي يجمعهم مع الإماميّة أنّهم يعتقدون أنّ اللّه جلّ وعلا عادل لا يظلم مثقال ذرّة ، وهذا الجامع أوجب الالتباس على كثير ممّن تقدّم من أعلام العامة ، رمى أساطين الإمامية وعلماءهم بأنّهم معتزلة ، فرموا السيّد المرتضى علم الهدى والأمير صاحب بن عبّاد وآخرين كثيرين بأنّهم من المعتزلة ، مع أنّ من الثابت بلا ريب أنّهم من أعلام الإمامية وفقهائها وامراؤها ، وليس ذلك إلاّ لقولهم بالعدل ، وإذ تبيّن ذلك