وأقول : قد تفحّصت عن حال الرجل ، فلم أتحقّقه ، فإن كان إماميّا كان من الحسان باعتبار تقييد العلاّمة الطباطبائي قدّس سرّه توثيقه بصناعته ، فيكون من المدح الملحق له بالحسان. وعدم حجّية توثيق ابن خلّكان ـ بعد اختلافنا معه في معنى العدالة ، وإن كان عاميّا كما يمكن استشمامه من تقييد العلاّمة الطباطبائي توثيقه بصناعته ـ كان موثّقا. وما لم يحرز الأوّل ، فالبناء على الثاني (*) ، واللّه العالم بالسرائر.
__________________
نصحتك بما قدّمت وما كنت أغشّك بخلافه.
فقال له معاوية : اجلس يا شدّاد ، فجلس ، فقال له : إنّي قد أمرت لك بمال يغنيك ، ألست من السمحاء الذين جعل اللّه المال عندهم لصلاح خلقه؟! فقال له شدّاد : إن كان ما عندك من المال هو لك دون ما للمسلمين فعمدت لجمعه مخافة تفرّقه فاصبته حلالا وأنفقته حلالا ، فنعم ، وإن كان ممّا شاركك فيه المسلمون فاحتجبته دونهم فاصبته اقترافا وأنفقته إسرافا فإنّ اللّه جلّ اسمه يقول : (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كٰانُوا إِخْوٰانَ الشَّيٰاطِينِ) [سورة الاسراء (١٧) : ٢٧] ، فقال معاوية : أظنّك قد خولطت يا شداد ، أعطوه ما أطلقناه له ليخرج إلى أهله قبل أن يغلبه مرضه ، فنهض شداد وهو يقول : المغلوب على عقله بهواه سواي .. وارتحل ولم يأخذ من معاوية شيئا. وإنّما نقلنا الحديث بطوله لرواية المترجم له ولما تضمّن الحديث من قوّة شخصية أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام وصدق ولائهم له ، وقوّة جنانهم في قبال طواغيت زمانهم وأحمد بن يحيى الواقع في سند الحديث هو ثعلب بقرينة روايته عن ابن الأعرابي فتفطّن.
(*)
حصيلة البحث
اتّفاق أعلام العامة على توثيقه من دون غمز فيه ممّا يوجب الاطمئنان بأنّه من العامّة ، لأنّه لو كان إماميّا لما أطروا عليه هذا الإطراء ، ولما تركوه بغير انتقاص ، كما هو دأبهم وديدنهم في رجال الشيعة وأعلامهم ، وذلك جليّ واضح لمن ألمّ بكلماتهم ، ووقف على مؤلّفاتهم ، وعلى هذا لا يسعني إلاّ التوقف في الحكم عليه بشيء ، وتقييد سيدنا بحر العلوم ـ أنّه ثقة في صناعته ـ يوجب ذلك أيضا ، فتدبّر.