وأبو عمرو (١) الزاهد و .. غيرهم. وكان ثقة حجّة صالحا مشهورا بالحفظ وصدق اللهجة ، والمعرفة بالعربيّة ، ورواية الشعر القديم ، مقدّما عند الشيوخ منذ هو حدث. وكان ابن الأعرابي إذا شكّ في شيء قال له : ما تقول يا أبا العبّاس في هذا؟ ثقة في غزارة (٢) حفظه. وكان يقول : ابتدأت في طلب العربيّة واللغة في سنة ستّ عشرة ومائتين ، ونظرت في حدود الفرّاء وسنّي ثمان عشرة سنة ، وبلغت خمسا وعشرين سنة وما بقيت عليّ مسألة للفرّاء إلاّ وأنا أحفظها.
وقال أبو بكر بن مجاهد المقري : قال لي ثعلب : يا أبا بكر! اشتغل أصحاب القرآن بالقرآن ففازوا ، واشتغل أصحاب الحديث بالحديث ففازوا ، واشتغل أصحاب الفقه بالفقه ففازوا ، واشتغلت أنا بزيد وعمرو ، فليت شعري ما تكون حالي في الآخرة؟ فانصرفت من عنده فرأيت النبي صلّى اللّه عليه [وآله] وسلّم تلك الليلة في المنام فقال لي : اقرأ أبا العبّاس عنّي السلام ، وقل له : أنت صاحب العلم المستطيل. قال أبو عبد اللّه الرودباري العبد الصالح : أراد أنّ الكلام به يكمل ، والخطاب به يجمل ، وأنّ جميع العلوم مفتقرة إليه.
وقال أبو عمرو الزاهد ـ المعروف ب : المطرّز ـ : كنت في مجلس أبي العبّاس ثعلب ، فسأله سائل عن شيء فقال : لا أدري ، فقال له : أتقول لا أدري وإليك تضرب أكباد الإبل ، وإليك الرحلة من كلّ بلد؟ فقال له أبو العبّاس : لو كان لأمّك بعدد ما (لا أدري) بعر لاستغنت!
وصنّف كتاب الفصيح ، وهو صغير الحجم ، كثير الفائدة.
.. إلى أن قال ابن خلّكان : ولد في سنة مائتين لشهرين مضيا منها.
__________________
(١) في المصدر : أبو عمر.
(٢) في الوفيات : بغزارة.