سيّده، و إن لم نصحّحها، لا يعتق، و يبطل التدبير، سواء جعلنا التدبير وصيّة أو تعليقا للعتق؛ لأنّه و إن كان تعليقا فهو في حكم الوصيّة؛ لأنّه يعتبر من الثّلث، و هذا إثبات للخلاف، سواء جعلناه وصيّة أو تعليقا(١).
و إذا أوصى لعبد جارحه أو لمدبّره أو مستولدته، فإن عتق قبل موت الموصي صحّت الوصيّة له، و إن انتقل منه إلى غيره صحّت الوصيّة لذلك الغير، و إلاّ فهي وصيّة للجارح.
و لو أوصى لعبد بشيء فجاء العبد و قتله، لم تتأثّر به الوصيّة، و إن جاء السيّد و قتله، فهي وصيّة للقاتل.
و لو [أوصى](٢) لمكاتب، فقتل المكاتب الموصي، فإن عتق فهي وصيّة للقاتل، و إن عجز فالوصيّة صحيحة للسيّد، فإن جاء سيّد المكاتب فقتله فالحكم بالعكس، و تجوز الوصيّة للعبد القاتل؛ لأنّها تقع للسيّد عند العامّة(٣).
البحث السادس: في الوصيّة للوارث.
مسألة ٦٦: الوصيّة للوارث صحيحة عند علمائنا كافّة،
سواء أجاز الورثة أو لا؛ لقوله تعالى: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَ الْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ * فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ
١- التهذيب - للبغوي - ٧٣:٥، العزيز شرح الوجيز ٢٢:٧، روضة الطالبين ٥: ١٠٣.
٢- بدل ما بين المعقوفين في النّسخ الخطّيّة و الحجريّة: «قال». و الصحيح ما أثبتناه.
٣- العزيز شرح الوجيز ٢٢:٧، روضة الطالبين ١٠٣:٥.
عَلِيمٌ (١) فأوجب تعالى الوصيّة للوالدين اللّذين هما أقرب الناس إلى الميّت، ثمّ قال تأكيدا للوجوب بقوله تعالى: حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ و هو يعطي عدم اتّقاء من لا يعتقد حقّيّتها، ثمّ ثنّى التأكيد بقوله تعالى: فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ ثمّ أكّد هذه الجملة بقوله تعالى: إِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ و هذه الآية نصّ في الباب.
و ما رواه العامّة عن ابن عبّاس أنّ النبيّ صلّى اللّه عليه و اله قال: «لا تجوز الوصيّة لوارث إلاّ أن يجيزها الورثة»(٢) و قال عليه السّلام: «لا وصيّة لوارث إلاّ أن يشاء الورثة»(٣) و الاستثناء من النفي إثبات، و هو يدلّ على صحّة الوصيّة عند الإجازة؛ لأنّ الإجازة لا تصيّر ما ليس بصحيح في نفسه صحيحا.
و لأنّ الإجازة متأخّرة، فحين وقوع الوصيّة المتقدّمة على الإجازة إن وقعت باطلة لم تصح بالإجازة المتأخّرة، فإنّ الباطل لا عبرة به و لا اعتبار له في نظر الشرع، فوجب أن تكون صحيحة.
و من طريق الخاصّة: ما رواه محمّد بن مسلم - في الصحيح - عن الصادق عليه السّلام، قال: سألته عن الوصيّة للوارث ؟ فقال: «تجوز»(٤).
و في الصحيح عن أبي بصير، قال: قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: تجوز للوارث وصيّته ؟ قال: «نعم»(٥).
و في الصحيح عن أبي ولاّد الحنّاط، قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام: عن٤.
١- سورة البقرة: ١٨٠ و ١٨١.
٢- سنن الدارقطني ٨٩/٩٧:٤، و ٩/١٥٢، السنن الكبرى - للبيهقي - ٢٦٣:٦ - ٢٦٤ بتفاوت.
٣- سنن الدارقطني ١٠/١٥٢:٤، السنن الكبرى - للبيهقي - ٢٦٤:٦ بتفاوت.
٤- الكافي ٤/١٠:٧، التهذيب ٧٩١/١٩٩:٩، الاستبصار ١٢٦:٤-٤٧٦/١٢٧.
٥- التهذيب ٧٩٤/١٩٩:٩، الاستبصار ٤٧٧/١٢٧:٤.