و الوجه عندي: أنّه لو نصّ على التشريك و عدم التقديم بمجرّد السبق في اللفظ، فكذلك.
و لو أوصى لواحد بجزء و لآخر بجزء، فإن أجاز الورثة دفع إلى كلّ واحد منهم ما سمّي له، و قسّم الباقي بين الورثة على ما تقدّم، و إن ردّوا ما زاد على الثّلث قسّم الثّلث بينهم على نسبة أنصبائهم بتقدير الإجازة إن نصّ على التشريك، و عدم الالتفات إلى التقديم لفظا.
و لا فرق بين أن يزيد أحد الجزأين وحده على الثّلث كالنصف و الثّلث، أو لا يزيد واحد منهما كالثّلث و الرّبع، و به قال الشافعي(١).
و قال أبو حنيفة: إن لم يكن في الأجزاء ما يزيد على الثّلث، يقسّم هكذا على التفاوت، و إن كان فيها ما يزيد وحده على الثّلث، فلا تعتبر الزيادة في القسمة عند الردّ، حتى لو أوصى لواحد بالنصف و لآخر بالثّلث و ردّ الورثة، قسّم الثّلث بينهما بالسويّة(٢).
و ليس بجيّد؛ لأنّه أوصى بجزأين مختلفين لشخصين، فإذا ارتدّت القسمة إلى الثّلث روعي تفاوت الجزأين، كما لو أوصى بجزأين لا يزيد واحد منهما على الثّلث.
فلو خلّف أبوين و ابنين و أوصى لواحد بنصف ماله و لآخر بالثّلث و أجازوا الوصيّتين، فريضة الورثة من ستّة، و كذا مخرج الوصيّتين، و الباقي بعد إخراج الوصيّتين واحد، فعلى الأوّل جزء الوصيّة خمسة أمثال الباقي من مخرجها، فتزاد على الفريضة خمسة أمثالها، تبلغ ستّة و ثلاثين، و على الثاني تضرب الستّة في مسألة الورثة، تصير ستّة و ثلاثين.٧.
١- العزيز شرح الوجيز ١٥٠:٧، روضة الطالبين ١٩٩:٥.
٢- العزيز شرح الوجيز ١٥٠:٧.
و لو ردّوا الوصيّتين إلى الثّلث، قسّمنا الثّلث بينهما على خمسة؛ لأنّ نصيبهما بتقدير الإجازة خمسة من ستّة، و له طريقان:
أحدهما: أن ننظر إلى ما زاد من جملة الوصايا على الثّلث، و ننقص بتلك النسبة عن نصيب كلّ واحد من الموصى لهم، و نسبة ما زاد في هذه الصورة ثلاثة أخماس؛ لأنّ مجموع الوصيّة بخمسة من ستّة، لكن مخرج الوصيّة لا خمس له، و نصيب كلّ واحد منهما لا خمس له، فنضرب مخرج الخمس في ستّة يكون ثلاثين، منها خمسة عشر للموصى له بالنصف، و عشرة للموصى له بالثّلث، ينقص من كلّ واحد من النصيبين ثلاثة أخماسه، يبقى للأوّل ستّة، و للثاني أربعة، و يبقى عشرون للورثة، و هذه الأنصباء متوافقة بالنصف، فنردّها إلى أنصافها، و تقسّم من خمسة عشر.
الثاني: إنّا إذا كنّا نقسّم الثّلث بينهما أخماسا، فالستّة التي هي مخرج الوصيّتين لا ينقسم ثلثها أخماسا، فنطلب مالا لثلثه خمس، فنضرب مخرج الثّلث في مخرج الخمس، يكون خمسة عشر، يدفع ثلثها إليهما، ثلاثة إلى الموصى له بالنصف، و اثنين إلى الآخر، تبقى عشرة للورثة لا تصحّ على ستّة، لكن يتوافقان بالنصف، فنضرب نصف الستّة فيما صحّت منه الوصيّتان، و هو خمسة عشر، يكون خمسة و أربعين.
مسألة ٢٤٠: لو استغرقت الوصايا المال بأسره،
فإن أجاز الورثة قسّم المال بين أرباب الوصايا، و إن ردّوا قسّم الثّلث بينهم على نسبة أنصبائهم بتقدير الإجازة على تقدير إرادة التشريك.
و لو زادت الوصايا على المال، كما لو أوصى لواحد بجميع ماله و لآخر بثلث ماله و قصد التشريك و عدم التقديم، عالت المسألة بثلثها إلى أربعة، فيقسّم المال على أربعة، لصاحب الجميع ثلاثة، و للآخر واحد.
و لو ردّوا، قسّم الثّلث على أربعة أيضا، و تكون قسمة الوصيّة من اثني عشر، و به قال الشافعي(١).
و قال أبو حنيفة: إن ردّوا، قسّم الثّلث بينهما بالسويّة، و إن أجازوا ففيه روايات:
منها: أنّ صاحب الجميع ينفرد بدعوى الثّلثين، فيسلم له الثّلثان، و يتزاحمان معا في الثّلث، فيشتركان فيه، فيكون لصاحب الجميع خمسة أسداس، و للآخر سدس.
و هذا عندنا في الدعاوي، فيحتمل في الوصيّة أيضا.
و منها: أنّ الوصيّة بالثّلث لازمة، فيستويان فيه، ثمّ الموصى له بالجميع يأخذ نصف المال؛ لأنّه لا منازع فيه، يبقى من المال سدس يتنازعان فيه، فيكون بينهما، فيحصل للأوّل ثلاثة أرباع، و للآخر ربع(٢).
و لو أوصى لواحد بنصف ماله و لآخر بالثّلث و لآخر بالرّبع، فإن أجاز الورثة قسّم المال بينهم على ثلاثة عشر سهما، و إن ردّوا قسّم الثّلث على ثلاثة عشر، و به قال الشافعي(٣).
و قال أبو حنيفة: إن أجازوا سلم لصاحب النصف السّدس الذي يفضل به على صاحب الثّلث، ثمّ كلّ واحد من صاحب النصف و صاحب٧.
١- الحاوي الكبير ٢٠٨:٨ و ٢٠٩، التهذيب - للبغوي - ٧٠:٥، البيان ٢١٨:٨، العزيز شرح الوجيز ١٥١:٧، روضة الطالبين ٢٠٠:٥، روضة القضاة ٢: ٣٨١٥/٦٧٧-٣٨١٧.
٢- روضة القضاة ٣٨١٥/٦٧٧:٢ و ٣٨١٨، المغني ٤٩٨:٦-٤٩٩، الشرح الكبير ٥٩٠:٦، البيان ٢١٨:٨-٢١٩، العزيز شرح الوجيز ١٥١:٧-١٥٢.
٣- الحاوي الكبير ٢٠٧:٨، حلية العلماء ١٠٨:٦، التهذيب - للبغوي - ٧٠:٥، البيان ٢١٨:٨، العزيز شرح الوجيز ١٥٢:٧.