الغايات، نحو قوله تعالى: وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ (١)اَلْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ (٢)فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَ بِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللّهِ كَثِيراً (٣)هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاّ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٤)لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى (٥)هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلاَّ الْإِحْسانُ (٦)مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها (٧) و الجزاء إنّما يكون مع الغاية و الغرض.
و كذا قوله تعالى: أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٨)إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ (٩)مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ (١٠).
و كلّ ذلك و أشباهه يدلّ على الغاية و الغرض.
و ثالثها: أنّه تنتفي فائدة التكليف، فلا تبقى فائدة في بعثه الرّسل؛ لأنّه إذا لم يكلّف بالواجب لأجل إيصال الثواب إلى فاعله و لا بالامتناع عن المحرّم لأجل ترك عقابه لم يقدم المكلّف على فعل الواجب و لم يمتنع من فعل المحرّم، و كلّ ذلك ينافي الحكمة و يضادّها.٣.
١- سورة الذاريات: ٥٦.
٢- سورة غافر: ١٧.
٣- سورة النساء: ١٦٠.
٤- سورة النمل: ٩٠.
٥- سورة طه: ١٥.
٦- سورة الرحمن: ٦٠.
٧- سورة الأنعام: ١٦٠.
٨- سورة الأنعام: ٥٤.
٩- سورة طه: ٧٤.
١٠- سورة النساء: ١٢٣.
و رابعها: أنّه يلزم منه انتفاء الغايات المعلوم ثبوتها لكلّ العقلاء، فإنّ كلّ عاقل يجزم جزما ضروريّا أنّ اللّه تعالى خلق العين لأجل الإبصار بها، و خلق اليد لأجل البطش بها، و خلق آلات السمع للسمع، و اللسان للنطق، و الذوق لذوق الطعام(١) ، و الرّجل للمشي، و آلات التناسل لأجله، و آلات الإحساسات الظاهرة و الباطنة لإدراك المحسوسات الظاهرة و الباطنة، و من كابر ذلك فقد خالف مقتضى عقله، و كان من أجهل الناس.
و خامسها: أنّه يلزم نفي الغايات في خلق السماوات و الأرض و ما بينهما، و من المعلوم بالضرورة عند كلّ عاقل أنّ اللّه تعالى خلق النار للإحراق بها، و الماء للتبرّد(٢) ، و الثمار للأكل، و الشمس و القمر للاستنارة بهما و للمنافع المتعلّقة بهما.
و سادسها: أنّه يلزم منه نفي علم الهيئة و الطبّ؛ لأنّ الأغذية و الأدوية على قولهم لم تخلق لما تعدّ منافع لها، و كذا علم الهيئة و غير ذلك.
و سابعها: أنّه يلزمهم التناقض في أقوالهم، و ذلك في غاية الجهل.
و بيان ذلك: أنّهم نصّوا على جواز القياس، و ذلك إنّما يتمّ بتعليل أفعال اللّه تعالى بالأغراض، فإنّه لو لا تعليل تحريم الخمر بالإسكار لم يمكن التعدية إلى تحريم النبيذ، و ذلك نصّ في تعليل أفعال اللّه تعالى بالأغراض.
و أيضا فإنّ هؤلاء أهل السّنّة و الجماعة يلزمهم أن لا يجزموا بنبوّة أحد من الأنبياء عليهم السّلام، و أن لا يكونوا مسلمين و لا غيرهم من أرباب الملل.
و بيان ذلك: أنّهم ذهبوا إلى نفي الحسن و القبح العقليّين، و إلى أنّ».
١- في «ر، ص»: «الطعوم».
٢- في النّسخ الخطّيّة: «للتبريد».