وثانيا : ما عرفت من أنّ صحّه الحديث هي العمدة وإن فسد المذهب ، والمدار في قبول الرواية على الأوّل دون الثاني ، فإنّ الإيمان يعتبر في المفتي لا الراوي ، وإنّما المدار في الراوي على الوثوق بروايته. فالحقّ أنّ رواية الرجل بحكم الصحيح ، فهو اصطلاحا من الحسن كالصحيح ؛ لأنّ كونه إماميّا محرز ؛ لأنّه لم يتّهم بالنصب ، بل اتّهم بضدّه ، وهو الغلوّ في حقّ الأئمّة عليهم السلام ، وكونه مأمون الحديث من أعظم المدائح ، فيكون من الحسن اصطلاحا كالصحيح ، لعدم ثبوت انحرافه ، وقرب المأمونيّة في الحديث من العدالة.
ولقد أجاد صاحب التكملة (١) حيث قال : إنّ صحّة الحديث لا تنافي فساد المذهب ، والمدار في قبول الرواية على الأوّل لا الثاني ، فيندفع ضرر تهمة الغلوّ بكونه مأمونا على الحديث ، إذ غايته أن يكون معدودا في الموثّق ، وأدنى منه ، ولكن لا ينقص عن الحسن ، بل الظاهر من الكشّي حيث أتى ببيان حاله بعرض ترجمة ابن مهزيار (٢) ، أنّ روايته (٣) محلّ اعتماده ، فلا يبعد ترجيح القبول ، كما عدّ السيّد عناية اللّه أحاديثه من المعتبرة ، مع أنّ مجرّد الاتّهام بالغلوّ غير قادح ، لعدم حجيّة التهمة ، مع أنّ الّذي اتّهمه غير معلوم ، ولعلّه ممّن لا يعتبر مذهبه واعتقاده فضلا عن تهمته.
والحاصل ؛ أنّ في قول الكشّي : كان مأمونا على الحديث دلالة صريحة على أنّ الرجل معتمد في الحديث وهو حجّة ، وما يقابله لا ينهض ولا يقاومه ،
__________________
(١) تكملة الرجال ١٣٩/١ ـ ١٤٠.
(٢) في المصدر جاء : بالعرض ، بدل قوله : بعرض ترجمة ابن مهزيار.
(٣) في المصدر : أنّ الرواية ..