الواجبات على المكلّف الشكّ.
وقال صاحب رسالة إخوان الصفا (١) : إنّ المكلّف لا يمكنه المصير إلى الحقّ ، إلاّ بعد وروده على اعتقادات باطلة ، ولو لحظة ما. انتهى.
ومع هذا ، فليس في الروايات تصريح باعتقاده مذهب المشبّهة ، ولعلها كانت وهلة شيطانية لم تتمكن ، كما يكشف عنه قوله عليه السلام : «دع ذا يا أحمد! لا ينفتح عليك منه أمر عظيم».
ويحتمل أيضا أنّه يقول بالصورة الاسمية لا الحقيقية ، والنزاع حينئذ يرجع إلى اللفظ ـ كما يكشف عنه حكاية صاحب رسالة إخوان الصفا ، عن القائلين بالصورة ، من أنّهم نفوا المكان وأثبتوا العلم المطلق العامّ له سبحانه المتعلق بكلّ معلوم ، ووجوب الوجود والقدم ، وعدم جواز التغيّر عليه ، وكون نسبته إلى جميع الكائنات بالسوية و .. غيرها من لوازم التجرّد ـ وحينئذ فيكاد يكون النزاع لفظيّا.
هذا ، مضافا إلى أنّ أصحاب الأئمّة عليهم السلام إنّما كانوا يتكلّمون في أصول الدين لينقّحوا فروعها بالأخذ من الأئمّة الطاهرين صلوات اللّه عليهم أجمعين. ولذا نقل هو القضايا المذكورة ليهتدى بذلك من لم ينل شرف الحضور ، ولو كان في مقام الشكّ واقعا لم يكن ليفضح نفسه بنقل ذلك.
وثانيا : إنّ مثل هذه من أخبار الآحاد ـ وإن صحّ سندها ـ لا يعتمد عليها ،
__________________
(١) رسالة إخوان الصفا ٥٢٤/٣ قال : ثمّ اعلم أنّه لا يصل إلى معرفة اللّه تعالى أحد من الناس إلاّ بعد جوازه على الآراء الفاسدة .. إلى آخره.