ضرورة أنّ نفوذ وصيّة أبيه ، لا تكون إلاّ بعد موته. فنصرته للرضا عليه السلام تكشف عن أنّه يومئذ معتقد موت أبيه ، وحجّيّة أخيه عليه ، فيمكن أن يكون ما في هذه الأخبار شبهة عرضت له في بدو الأمر ، لقول الواقفين بحياته ، ويكشف عن ذلك أنّه شهد في الخبر الثاني بكون الرضا عليه السلام ثقة صدوقا ؛ فإنّ الاعتراف بذلك يقضي بكونه عليه السلام عنده مقبول الشهادة ، ممضي الحكم.
ولا ينافيه قوله : هو أعلم وما يقول .. عند إعادة بكر بن صالح عليه قول أخيه ؛ ضرورة أنّه لديانته وتقواه ، وعروض الشبهة له ، صدّق أخاه ، وتوقّف في الاعتقاد بموت أبيه ، لكون نقل بكر عن أخيه موت أبيه شهادة رجل واحد لا حجّة فيه. فجمع بين تصديق أخيه ، وبين التوقّف من القول بموت أبيه ، إلى أن يراجع أخاه ، ويسمع منه ، ويعتقد لذلك بموت أبيه. ولو كان جازما بحياته لم يكن لتصديقه وصيّة أبيه ، وجعله عليّا عليه السلام مقدّما عليهم وجه.
وبالجملة ؛ فمن أمعن النظر في الخبر الثاني ، علم أنّ الرجل في غاية درجة التقوى ، حيث إنّ الشبهة كانت شبهة دينيّة ، لم توجب رفعه اليد عن الحقّ من توثيق أخيه ، وتصديقه إيّاه ، واعترافه بوصيّة أبيه ، وكون الوصيّ مجموعهم ، وكون عليّ عليه السلام مقدّما عليهم ، بل لو لا [كذا ، ولعلّه : لو لم] في ترجمة الرجل إلاّ هذا الخبر لكفى الفطن البصير في استفادة عدالة
_________________
شهود الوصيّة ، لا إبراهيم بن موسى بن جعفر عليه السلام ، كما هو مصرّح في الكافي وعيون الأخبار ، ولعلّ في نسخة المؤلّف من الكافي والعيون : إبراهيم بن موسى ، وحيث إنّه ليس في نسختنا ذلك ، لا يسعنا القول بنزاهة إبراهيم بن موسى بن جعفر عليهما السلام عمّا نسب إليه ، فتفطّن.