ملفوظين على سبيل الاعتدال .
فظهر لنا أنه يشتمل على بحثين ، البحث الأول عن أحوال النغم .
والبحث الثاني عن الأزمنة .
فالأول يسمى علم التأليف .
والثاني علم الإِيقاع .
والغاية والغرض منه حصول معرفة كيفية تأليف الألحان ، وهو في عرفهم أنغام مختلفة الحدة والثقل ، رتبت ترتيباً ملائماً .
وقد يقال : وقرنت بها ألفاظ دالة على معان محركة للنفس تحريكاً ، ملذاً ، وعلى هذا فما يترنم به الخطباء والقرّاء يكون لحناً ، بخلاف التعريف الثالث ، وهو : وقرنت بها ألفاظ منظومة مظروفة لأزمنة موزونة ، فالأول أعم من الثاني والثالث ، وبين الثاني والثالث عموم من وجه .
وقد اتفق الجمهور على أنّ واضع هذا الفن أولاً فيثاغورس من تلامذة سليمان عليهالسلام.
وكان رأى في المنام ثلاثة أيام متوالية : أنّ شخصاً يقول له : قم واذهب إلى ساحل البحر الفلاني وحصل هناك علماً غريباً . فذهب من غد كل ليلة من الليالي إليه فلم ير أحداً فيه ، علم أنها رؤياً ليست مما يؤخذ جداً (١) فانعكس .
وكان هناك جمع من الحدّادين يضربون بالمطارق على التناسب ، فتأمل ثم رجع ، وقصد أنواع مناسبات بين الأصوات ، ولما حصل له ما قصده بتفكر كثير وفيض إلهامي صنع آلة وشدّ عليها إبريسماً وأنشد شعراً في التوحيد
__________________
(١) في المصدر : مما يؤخذ جزافا [ جزافاً ] تفكر [ تفكر ] .