والمعلوم من منهجية صاحب الجواهر أنّ الخبر وإن لم يكن صحيحاً ومعتبراً بل كان ضعيفاً أو مرسلاً فإنّه لا يعتني بضعفه ما دام قد عمل به الأصحاب وتلقّوه بقبولهم وأودعوه كتبهم ودوّنته أقلامهم ، والفخر في هذا إنّما يعود لنظرته الأصولية ، حيث يرى انجبار ضعف السند باشتهار العمل به فضلاً عن الإجماع ، ومع فرض جبره بما ذكر فإنّ له من الميزة ما تمنحه لأن يخصِّص العمومات التشريعية والمطلقات الفقهية ، بل هو حاكم على عامّ الكتاب ونحوه ممّا هو قطعيّ الصدور كالمتواتر من الأخبار كما سيأتي مزيد بيان لذلك ، ومثال ذلك مضافاً لما تقدّم ما جاء في مسألة القِران بين سورتين في ركعة واحدة قوله : «... ومن هنا حكَّمنا الخاصّ ولو بالآحاد على عامّ الكتاب ونحوه من المتواتر سنداً ، وإنّ التحقيق أنّه ليس من المخالفة للكتاب التي أُمرنا بطرح الخبر معها كما هو واضح من طريقة الأصحاب في سائر الأبواب»(١).
ولا يخفى أنّ نقله للروايات لم يكن يقتصر على مصادر الحديث المعروفة بل تخطّاها إلى غيرها من المصنّفات الحديثية ، بل تعدّى لأكثر من ذلك لما يشمل غير كتب الحديث والرواية ـ كما سيأتي التطرّق إليه ـ ما دام الخبر المنقول يمكن أن يكون مساهماً في تأسيس الفكرة الفقهية وإتمام استنتاجها أو توضيح مبهمها وتعيين إجمالها ، ولهذا شواهد كثيرة متفرّقة في مساحات واسعة من الكتاب قلّ أن يخلو منها بحث من بحوثه ومسألة من مسائله ، وعسى أن يكون منها ما رواه عن الكشّي ـ وهو كتاب رجاليّ ـ عن الصادق عليهالسلام مستظهراً منه أفضلية الزواج من
__________________
(١) جواهر الكلام ٩ / ٥٨٩.