الأنصاري : «يكفي للمجتهد في أهبته وعدّة تحصيله نسخة من الجواهر وأخرى من الوسائل مع ما قد يحتاج إليه أحياناً من النظر في كتب الأوائل»(١). وقد نُقل عن السيّد الأعظم الإمام الحكيم في بداية رجوع الناس إليه في التقليد وقبل أن يؤلّف شيئاً من كتب الفتوى أنّه كان إذا ابتلي بمسألة يراجع الجواهر ويفتي حسب ما يتوصّل إليه نظره بمعونته ، وما ذاك إلاّ ثقة منه باشتمال هذا الكتاب على عمدة ما يحتاجه الفقيه في مقام الاستنباط(٢).
وعلى ضوء ما تقدّم في المبحث الثاني من هذا الفصل من الأمثلة التطبيقية المنقولة من الكتاب يسهل إبراز بعض المعطيات الفقهية التي يمكن استفادتها كطريقة واضحة ومنهجية متّبعة في تأليف كتاب الجواهر وإكمالها من خلال الاستشهاد لها ببعض الشواهد الأخرى أو ما يمكن أن تكون أمثلة متمّمة لها من مواضع متفرّقة من الكتاب ، لتكتمل بذلك الصورة وتتّضح الفكرة ويتبيّن الأمر بنحو أوضح وأدقّ وأكمل ، ويمكن تلخيص ذلك في ضمن مطالب ستّة :
المطلب الأوّل : استقراؤه للأخبار المروية في المسألة واعتبارها طبقاً للمدرسة الأصولية في الحديث :
إنّ ممّا تميّز به كتاب جواهر الكلام هو استقراءه شبه التامّ للأخبار الواردة في المسألة الفقهية المبحوث عنها ، استقراءً يصحّ أن يوصف بأنّه ميّز الكتاب عن أمثاله من أمّهات المصنّفات الموسوعية في الفقه الإمامي ، ويشمل استقراؤه
__________________
(١) انظر : أعيان الشيعة ٩ / ١٤٩.
(٢) تاريخ وتطوّر الفقه والأصول : ١٢٧.