زمان المحدّث الإسترآبادي وظهور حركته الأخبارية منهجان متقابلان باسم المنهج الأخباري والمنهج الأصولي حتّى يكون لكلّ منهج مبادئ مستقلّة تتناقض ومبادئ المنهج الآخر ، بل الجميع على خطٍّ واحد وإنّما الاختلاف في لون الخدمة وكيفية الأداء.
ثانيهما : إنّ الكتابين المذكورين ـ الجواهر والحدائق ـ وإن اشتركا فيما بينهما في جهات فقهية كثيرة وهامّة من قبيل الشمولية والاستيعاب في عرض الأدلّة واستقصاء الروايات والآيات والإشارة إلى الأصول الجارية من عقليّة ونقليّة ، وأيضاً القدرة الخلاّبة على التدقيق والتحليل والاستنباط والتفصيل والتشعيب والربط بين المسائل ... إلاّ أنّهما مع ذلك لم يتّفقا في جوانب ربّما لا تقلّ عمّا اشتركا فيه أهمّية ، والسبب ببساطة يرجع إلى أنّ أحدهما يمثّل المنهج الأخباري ونظرته الخاصّة من عملية الاستنباط الفقهي بلحاظ الأدلّة ودلالاتها ، بينما يمثّل الآخر الطريقة الأصولية في عملية الاستنباط للحكم الشرعي ، ومن هنا أوجز الوحيد البهبهاني الفرق بين الأخباري والمجتهد بنفس الاجتهاد ـ أي : العمل بالظنّ ـ بمعنى أنّ من اعترف بالعمل به فهو مجتهد ، ومن ادّعى عدمه بل كون عمله على العلم واليقين فهو أخباري ، ولذا لايُجوّز الأخباري تقليد غير المعصوم.