يظهر من هذه الأخبار وغيرها أنّ تركه مكروه بل كراهة شديدة وإن لم يَنصّ عليه أحد في كتب الفروع فيما أجد ، للنهي عن الترك فيها والأمر بالاستغفار عنده والتفسيق بسببه أيضاً ، بل لعلّ أخبار الوجوب تكفي في إثبات الكراهة للترك لكونه أقرب المجازات عند انتفاء الحقيقة»(١).
وإذ كنّا قد نوّهنا سابقاً عن موقف الشيخ صاحب الجواهر من الشهرة والإجماع وما هو محلّ وفاق واتّفاق وحشده الأدلّة بعد الأدلّة وانتقاده بسببه أساطين الفقه أمثال الشهيد الثاني والمقدّس الأردبيلي والفيض الكاشاني والمحدّث البحراني ... فإنّنا نلاحظ كذلك أنّه إنّما انطلق في موقفه المشار إليه انسجاماً مع موقف فقهيّ ومبنىً صناعيّ يضطرّه إلى الدفاع عن الرأي الفقهي ما دام يعتقد صلاحه ويطمئنّ إلى نتائجه بعد أن كان ذلك شرعيّاً ومشروعاً.
ولاية الفقيه :
وكما ذكرنا فقد لا يتاح للباحث استقصاء آراء الشيخ وملاحقتها وبخاصّة في مثل هذا المقام ، بيد أنّه تجدر الإشارة إلى أكثرها حيوية على المستوى العلمي أو على المستوى العملي والتي عُرف بها ونسبت إليه باعتبار كونه الأبرز ممّن كان قد نقّحها وفصّلها ومن ثمّ تَقبُّلها وتبنِّيها ، ألا وهي مسألة ولاية الفقيه والتي تعدّ من أهمّ المسائل التي وقع فيها البحث والجدل وعلى الأقلّ في بعض الأزمنة ، إذ أنّها لم تطرح بهذا العنوان بشكل صريح وببحث مستقلّ في أوائل تأريخ تأسيس الفقه
__________________
(١) جواهر الكلام ٥ / ١١ بحث غُسل الجمعة.