ووجود النّفار.
طريقة أخرى : وقد استدلّ ـ أيضا ـ على ذلك بأنّ كلّ شيء يمكن الانتفاع به من وجهين فخلقه تعالى لينتفع به من أحد الوجهين يقتضى كونه عبثا من حيث خلقه على الوجه الآخر ، وجرى خلقه له على الوجهين وهو (١) لا يريد أن ينتفع به منهما مجرى خلقه لشيئين يصح الانتفاع بهما وغرضه الانتفاع (٢) بأحدهما في أنّ خلقه للآخر عبث. وليس يجري ذلك مجرى ما لم يخلقه ، ممّا كان يصحّ أن يخلقه فينتفع (٣) به ، لأنّ ما لم يخلق معدوم ، والعبث من صفات الموجود. وليس القديم تعالى ممّن يصل بفعل (٤) إلى آخر ، أو بوجه (٥) إلى وجه ، كأحدنا الّذي يصحّ أن يفعل فعلين ، والغرض في أحدهما ، لأنّه (٦) ـ جلّ وعزّ ـ يتعالى عن (٧) ذلك. وقد علمنا أنّ كون الجسم ذا طعم وذا رائحة وذا ألوان في كونه دلالة على إثبات الصّانع يجري مجرى أفعال متغايرة (٨)
__________________
(١) ج : ـ هو.
(٢) ج : الإيقاع.
(٣) ب : فيستنفع.
(٤) ب : يفعل الفعل.
(٥) ب : يوجه.
(٦) ب : إحداهما انه.
(٧) ج : من.
(٨) ج : متغيرة.