لا يخفى عليك أنّ هذا التعليل ليس بصحيح(١) إلاّ أن يكون مراده بقوله (و هو لمطاوعة فَعَلَ) : أنّه لايستعمل إلاّ في مطاوعة(٢) فَعَلَ المتعدّي إلى واحد ، يعني لايستعمل في غير المطاوعة ، ولا في مطاوعة غير فَعَلَ ، ولا في مطاوعة فَعَلَ المتعدّي إلى أكثر من واحد. ويكون وجهه عدم سماعه لغير ذلك(٣). وممّا يدلّ على إرادة الحصر المذكور قوله : (و مجيئه لمطاوعة أفْعَلَ اه) ، وقوله : (لمّا خصّوه بالمطاوعة).
(ولا يبنى إلاّ ممّا فيه عِلاج وتأثير) :
(التأثير) عبارة عن (التغيير) ، وهي على ثلاثة أقسام :
__________________
وهو لمطاوعة فَعَلَ ، نحو : قَطَعْتُه فَانْقَطَعَ ولهذا لايكون إلاّ لازماً. ومجيئه لمطاوعة أفْعَلَ ، نحو : أسْفَقْتُ الباب ، أي : رَدَدْتُه ، فَانْسَفَقَ وأَزْعَجْتُه ، أي : أَبْعَدْتُه ، فَانْزَعَجَ ، من الشواذّ. ولا يبنى إلاّ ممّا فيه عِلاج وتأثير. لايقال : اِنْكَرَمَ واِنْعَدَمَ ونحوهما؛ لأنّهم لمّا خَصُّوه بالمطاوعة التزموا أن يكون أمرُه ممّا يظهَرُ أثرُه وهو العِلاج؛ تقويةً للمعنى الذي ذكروه من أنّ المطاوعة هي حصول الأثر». في المطبوع : «لا يقال : اِنْكَرَمَ واِنْعَمَى ونحوهما».
(١) لأنّ لفظ (هذا) في قوله : (و لهذا) إمّا يشير لقوله : (لمطاوعة) أو لقوله : (لمطاوعة فَعَلَ) ؛ وكلاهما مردود. أمّا الأوّل فلأنّه يكون المعنى : (و لأجل أنّ هذا الباب على المطاوعة لايكون إلاّ لازماً) وهذا ليس بشيء؛ لأنّ كونه على المطاوعة لا يلزم ألاّ يكون إلاّ لازماً؛ لأنّ المطاوع قد لايكون لازماً ، نحو : (استفتيتُ الفقيه في مسألة فافتاني). وأمّا الثاني فلأنّه ليس دليل حتّى يدلّ على أنّ كون هذا الباب لمطاوعة فَعَلَ يصيره لازماً دائماً. لاحظ : تعليقة البارفروشي على شرح التصريف : ١٤٠.
(٢) في الأصل : المطاوعة.
(٣) يعني لأجل هذا الباب لمطاوعة (فَعَلَ) أبداً ، لا يكون هذا الباب إلاّ لازماً. وإنّما ثبت لهذا الباب البناء؛ لأنّ معناه : حصول الأثر ، وهو يقتضي اللزوم. لاحظ : تعليقة البارفروشي على شرح التصريف : ١٤٠.