التعريف ، ولم يبقَ ثَمّة فرق بين ورود هذا التعبير المعرفة نكرةً ووروده
معرّف اللّفظ والمعنى ، إلاّ أنّ وروده معرّف اللّفظ والمعنى ؛ يحدّد شخص الإمام
العدل ، أمّا فائدة وروده نكرةً ؛ فتعريف العنوان وشمول جميع أفراده المعيّنين
المعروفين.
الثالثة : أنّ معنى العدل كوصف للإمام ، لا يتّضح حتّى يتّضح
معنى ضدّه الظلم المنفي عن المتلبّس به أن يجعل إماماً ؛ وهو ما ورد تصريحاً في
جواب اللّه تعالى نبيّه إبراهيم ، إذ قال له : (لاَ يَنَالُ عَهْدِي
الظّالِمِيْنَ)
، وورد في
التفسير أنّ الظلم في هذه الآية «يعمّ من ظلم نفسه بمخالفته للحقّ»
، وبذلك يشمل هذا الظلم : «مطلق من صدر عنه ظلم ما ، من
شرك أو معصية ، وإن كان منه في برهة من عمره ، ثمّ تاب وصلح»
.
وعليه ؛ يتجاوز
مفهوم العدل هنا عدم ظلم الرعية ، إلى معنىً أسبق تحقّقاً في النفس التي تنعم
بعدالة صاحبها بتجنيبه إيّاها الشرك والمعصية ؛ وهو ما يعطي الغزوة وغيرها من
العبادات معه بعداً روحيّاً يزيد من أجرها ؛ لما يمنحه عدم اقتراف الظلم من يقين
يوقفه على ملكوت الأشياء .
وإذا كان هذا
الوصف قد أخرج موصوفه من عموم التنكير وبلغ به مرتبة التعريف ، فكذلك الموصوف ؛ له
من قريب فضل اختصاص على صفته المصدر ؛
__________________