الدولة العبّاسية ، وهذا لا يعني أنّهم كانوا مستقيمي السيرة ، فعندهم
مظالم مشهورة ، ولكنّهم أفضل من غيرهم إجمالاً ، وقد يكون للسيّاري عذر في دخوله
معهم ، ربّما كان لاتّقاء شرّهم ، أو للإفادة منهم في مرونة التحرّك من أجل نشر
حديث آل محمّد (صلوات الله عليهم) ، وقد كانت سياسة الأئمّة
عليهمالسلام
تقتضي اختراق
منظومة الحكم العبّاسية ، وفتح ثغرات للتنفيس عن الحالة الشيعية ، وردّ المظالم
عنهم ، وإفساح المجال لحركة أكبر لرواة الحديث بعيداً عن العيون والجواسيس ،
وتخفيفاً من الآثار القاسية لسياسة التصفية الجسدية والفكرية التي اتّبعتها
الحكومات العبّاسية المتعاقبة ، كما إنّه من المهمّ أن نذكر أنّ روايات السيّاري
ليس فيها ما يدعو للريبة من قربه للسلطة ، كأن يكون فيها مدح للعباسيّين ، أو
التلوّن بلون مرويّاتهم ، بل العكس روايات الرجل شيعية خالصة ، وليس فيها ما يشير
إلى تأثير كتابته لآل طاهر على منظومته الحديثية.
ولعلّ ممّا
يؤيّد أنّ دخوله في عمل بني طاهر كان عن معرفة صحيحة ، وعن وعي بضرورة تسخير هذا
النفوذ في رعاية الشيعة ، وقضاء حوائجهم ، وردّ الحيف والجور الذي لحق بهم ، ما
رواه الميرزا الطبرسي عن الشيخ المفيد في الروضة : عن أحمد بن محمّد السيّاري ، عن علي بن جعفر
عليهالسلام
، قال : كتبت
إلى أبي الحسن عليهالسلام
: «إنّ قوماً
من مواليك يدخلون في عمل السلطان ، ولا يؤثرون على
__________________