ونقّبنا عن الصناعات الأدبية الشعرية نرى كتاب شعراء الغريّ ينقل إلينا صناعة أدبية امتاز بها شعراء وأدباء النجف الأشرف دون غيرهم من سائر البلدان العربية وحواضر وحواضن الأدب العربي ، وهي ما يعبّر عنها بالمقطوعة أو المقطعوعات الأدبية ربّما تكون أشبه بالسجع ولكنّ الوزن الشعري واضحة أعلامه في تلكم المقطوعات.
فكيف تطوّر الشعر العربي من الشعر العمودي إلى تلكم الصناعات الشعرية التي ربّما يستغرب منها شعراء الجاهلية والقرون التي خلت من قبل ، وذلك لأنّها لم تشهد مثل هذه الصناعات والتصرّفات والإنجازات الأدبية ممّا صنعها فكر البشر وطبعه وحسّه المرهف بما يملكه من قوّة فصاحة وبلاغة وملكة في الأوزان الشعرية.
إذن الشعر العربي يمكن للأديب الأريب اللبيب أن يتصرّف به ويصنع منه أشعاراً لم يشهدها الأدب العربي من قبل ، وكلّما درسنا هذه الصناعات الجديدة وتمعّنّا بها ودقّقنا بها وقلّبناها نراها إنّما هي مشتقّة من تلكم الأوزان التي بُني عليها الشعر العمودي ، وهي البحور الستّة عشر ومأخوذة منها.
ومروراً بتاريخ الشعر العربي ومعرفة أوزانه نرى أنّ الخليل بن أحمد الفراهيدي (ت ١٧٠هـ) قد اكتشف لنا تلكم البحور والأوزان بما وضعه من دوائر التفعيلات ، وعليه قامت دراسة الشعر ومعرفة أوزانه وبحوره بكلّ مشتقّاتها ، ومنها صار يأخذ الأدباء والشعراء تلكم التفعيلات ويتصرّفون بها وفقاً لتلك الموازين ولما يتقبّله الطبع البشري من معرفة وأنس بالنغم