وهل يمكننا أن نقول أنّ وجود الأوزان الشعرية الموافقة لبحور الشعر العربي في طيّ آياته هي التي جعلت للقرآن هذا الوزن؟ وهل يمكن لهذه البحور ـ التي طالما أُشير إليها في الأبحاث الأدبية للقرآن ـ أن تطلي القرآن وتشمله بهذا النظم والوزن الخاصّ من أوّله إلى آخره؟ إذ لم نمرّ على آية إلاّ ونشعر ونلمس منها بوضوح هذا النظم والوزن الخاصّ المشار إليه في أبحاث إعجاز القرآن الكريم ، وإنّ كلّ من أشار إلى وجود الأوزان الشعرية في القرآن اعترف أنّ هذه الأوزان عُثر عليها في آيات عديدة من كتاب الله ، قد بلغت إلى حدّ مشهود ومعلوم لا يمكن إنكاره وإن كانت لا تشمل آيات الكتاب بأسرها.
إذن بما أنّ القرآن أدبٌ وبيانٌ عربيّ محض فعلينا أن نبحث وننقّب عن معرفة هذا الوزن الخاصّ بالقرآن في الأدب العربي وبيانه ، هذا وإنّ الأدب العربي بما يحتويه من علوم وفنون فهو لا يخرج من أقسامه الثلاثة (النثر والسجع والشعر) ، وإنّ الوزن لا نعثر عليه من بين تلكم الأقسام إلاّ في الشعر ، وإن كان للسجع نوعٌ من الوزن والوقع على ذهن القارىء أو المستمع له ، إلاّ أنّ إطلاق الوزن لا ينصرف في موازين الأدب والبيان العربي إلاّ للشعر وليس للسجع ما للشعر من وزن ووقع واستئناس وانسجام وتشوّق إليه بين الناس.
ولمّا آل بنا الأمر إلى معرفة النظم والوزن الخاصّ بالقرآن ، وعلمنا أنّ الشعر هو المحتمل للأوزان والمختصّ به دون قسيميه في علم البيان كما