معرفة كلام الملك العلاّم سوى ما أشار إليه العلماء والأدباء والفصحاء والبلغاء من كلمة بينهم على حدّ سواء وهو أنّ كتاب الله عزّ وجلّ قد بلغ من الفصاحة والبلاغة الغاية القصوى والمرتبة العليا التي لا يمكن أن يؤتى مثلها في هذا المضمار بما بلغه من تفاضل الألفاظ والمعاني ، وأنّ لهذا الكتاب نظماً ووزناً خاصّاً به غير الشعر ، فهو ليس بنثر ولا سجع ولا شعر ، إذن لابدّ من الإشارة إلى نقاط يمكن من خلالها تسليط الضوء على الإعجاز البياني في القرآن الكريم.
أ ـ القرآن الكريم ونظمه الخاص :
إذن تبيّن لنا أنّ للقرآن نظماً ووزناً خاصّاً به ، فهو لا يخلو عن وزن له إيقاعه ووقعه الخاصّ على ذهن القارىء وسمع المستمع ؛ ولكن كيف صار للقرآن هذا الوزن الذي صار يشعره ويلمسه البشر بما يملكه من حواس ومواهب وشعور كما يلمس ذلك من الشعر ، ويحكم أنّ للشعر أوزاناً وبحوراً ما ليس للقرآن منه شيء؟ فمن أين أتى هذا الوزن إلى آيات الكتاب المجيد وهو قرآن عربيّ مبين؟ وهذا ما أكّد عليه القرآن في آياته الغرر الحسان ، ولا محالة ولا غرو أنّه أدبٌ عربيّ محض ، ولا حاجة في ذلك إلى إصدار حكم أو فرض ، فلتذهب الأفكار في الطول والعرض ، فليس لها إلاّ أن تقرّ وتشهد أنّه رائعة البيان العربي الثرّ المبين الذي يتلقّاه الحبيب المؤيّد والرسول المسدّد أبو القاسم محمّد(صلى الله عليه وآله) من لدن عزيز حكيم.