النثر والسجع أن يقول فيهما أنّه استمع شعراً كما لا يمكن أن تطلق صفة شاعر
على المتكلّم والناطق بهما قطّ.
إذن علينا أن نتعرّف
على أمرين : الأوّل منهما هو أنّه ما الذي كان يدركه المستمع لآيات القرآن؟ وما الذي
كان يطرق سمعه عند إنصاته للآيات القرآنية ممّا كان يدعوه أن يطلق صفة شاعر على رسول
الله(صلى الله عليه وآله)؟ والثاني منهما وهو أنّه ماذا قال أهل الخبرة من علماء وأدباء
في القرآن الكريم وأبدوا به رأيهم بعد تطلّعهم وتضلّعهم في أمر الأدب العربي وفنونه
في شأن القرآن الكريم؟
فلنبادر أوّلا للإجابة
على السؤال الثاني في معرفة ما قيل في القرآن الكريم.
فهذا ما قاله الدكتورطه
حسين في كتابه (مرآة
الإسلام) :
«أمّا القرآن فهو
المعجزة الكبرى ، التي آتاها الله رسوله (صلّى الله عليه وسلّم) ، على صدقه فيما يبلّغ
عن ربّه سبحانه وتعالى. والقول في إعجاز القرآن الكريم يكثر ويطول ، وتختلف وجوهه ،
وتختلف فنونه أيضاً ، فالقرآن : كلام لم تسمع العرب مثله قبل أن يتلوه النبيّ ؛ فهو
في صورته الظاهرة ليس شعراً ، لأنّه لم يجر في الأوزان والقوافي والخيال على ما جرى
عليه الشعر ، ثمّ هو لم يشارك الشعر في قليل أو كثير من موضوعاته ومعانيه ؛ فهو لا
يصف الأطلال والربوع ، ولا يصف الحنين إلى الأحبّة ، ولا يصف الإبل في أسفارها الطوال
والقصار ... وليس فيه غزل ، ولا فخر ، ولا مدح ،