ولا هجاء ، ولا رثاء ، وهو لا يصف الحرب ... لا يعرض من هذا كلّه لشيء ، وإنّما يتحدّث إلى الناس عن أشياء لم يتحدّث إليهم بها أحد من قبله ، يتحدّث عن التوحيد فيحمده ويدعو إليه ، ويتحدّث عن الشرك فيذمّه وينهى عنه ، ويتحدّث عن الله فيعظّمه ويصف قدرته التي لا حدّ لها»(١).
«وكان حكماء قريش والمنصفون منهم يسمعون القرآن حين يتلى عليهم فيبهرهم بألفاظه ونظمه ورقّته حين يرقّ ، وشدّته حين يشتدّ»(٢).
«وكان النبيّ على هذا كلّه لا يدّعي لنفسه معجزة إلاّ القرآن ـ وقد صدق النبيّ وبرّ في ذلك ـ فقد كان القرآن معجزة أيّ معجزة. كان معجزاً بألفاظه ومعانيه ونظمه ، لم يستطع أحد من العرب أن يحاكيه أيسر المحاكاة و ...»(٣).
ونقلا عن كتاب التمهيد لآية الله الشيخ محمّد هادي معرفة رحمهالله نذكر بعض ما قاله العلماء في هذا الشأن ، فقد قال الراغب الإصفهاني بعد أن ساق الكلام إلى أنّ الإعجاز المختصّ بالقرآن متعلّق بالنظم المخصوص ، وبعد أن بيّن المراتب الخمسة التي يتألّف منها نظم الكلام قال : «والقرآن حاو لمحاسن جميعه [أي الكلام ؛ من نثر وسجع وشعر] بنظم ليس هو نظم شيء منها لأنّه لا يصحّ أن يقال : القرآن رسالة ، أو خطابة ، أو شعر ، كما يصحّ أن يقال : هو كلامٌ ، ومن قرع سمعه فصّل بينه وبين سائر النظم»(٤).
__________________
(١) مرآة الإسلام : ١٢٥.
(٢) مرآة الإسلام : ٤٠.
(٣) مرآة الإسلام : ١٠٧.
(٤) التمهيد ٤ / ٥٦.