وأدرك المرحوم الدكتور زكىّ مبارك ذلك
وهو يتحدث عن الشريف فى كتابه فقال : ( والواقع أن الشريف كان قليل الرعاية للعصبية المذهبية ، والظاهر أنه كان حر
العقل إلى حد بعيد )
.
والحق أن الشريف الرضى قد ورث السماحة
والبعد عن التعصب البغيض من أبيه أبى أحمد الحسين بن موسى الذي كان يقوم دائما
بدور المصلح الموفق بين المتخاصمين ، وكثيرا ما التجأ إليه الخائف فوجد الأمن فى
كنفه ، فإن ابن الجوزي يحدثنا أنه فى سنة ٣٦١ ه وردت كتب الحاج بأن بنى هلال
اعترضوا الحجاج فقتلوا منهم خلقا كثيرا ، فبطل الحج ذلك العام ، ولم يسلم إلا من
مضى مع الشريف أبى أحمد الحسين الموسوي على طريق المدينة ، وتم حجهم
ولما اختلف الملكان الأخوان بهاء الدولة
بن عضد الدولة بن بويه ، وصمصام الدولة ابن عضد الدولة بن بويه سافر والد الشريف
الرضى إلى فارس ليصلح بين الأخوين المتنازعين ، وليوفق بين غاياتهما التي أدت إلى
النزاع بين العسكرين الفارسي والبغدادي. وقد انحدرت هذه النزعة الإصلاحية الموفقة
إلى أبناء أبى أحمد الحسين الموسوي والد الشريفين ، الرضى والمرتضى. ففي أحداث سنة
٤٢٠ ه ـ أي بعد وفاة الرضى بأربعة عشر عاما ـ نرى أخاه الشريف المرتضى يذهب مع
قوم من مشايخ أهل الكرخ إلى دار الخليفة القادر العباسي فيعتذرون من جناية مذهبية
قام بها أحداث الكرخ من أبناء الشيعة
__________________