وأدرك المرحوم الدكتور زكىّ مبارك ذلك وهو يتحدث عن الشريف فى كتابه فقال : ( والواقع أن الشريف كان قليل الرعاية للعصبية المذهبية ، والظاهر أنه كان حر العقل إلى حد بعيد ) (١) .
والحق أن الشريف الرضى قد ورث السماحة والبعد عن التعصب البغيض من أبيه أبى أحمد الحسين بن موسى الذي كان يقوم دائما بدور المصلح الموفق بين المتخاصمين ، وكثيرا ما التجأ إليه الخائف فوجد الأمن فى كنفه ، فإن ابن الجوزي يحدثنا أنه فى سنة ٣٦١ ه وردت كتب الحاج بأن بنى هلال اعترضوا الحجاج فقتلوا منهم خلقا كثيرا ، فبطل الحج ذلك العام ، ولم يسلم إلا من مضى مع الشريف أبى أحمد الحسين الموسوي على طريق المدينة ، وتم حجهم (٢)
ولما اختلف الملكان الأخوان بهاء الدولة بن عضد الدولة بن بويه ، وصمصام الدولة ابن عضد الدولة بن بويه سافر والد الشريف الرضى إلى فارس ليصلح بين الأخوين المتنازعين ، وليوفق بين غاياتهما التي أدت إلى النزاع بين العسكرين الفارسي والبغدادي. وقد انحدرت هذه النزعة الإصلاحية الموفقة إلى أبناء أبى أحمد الحسين الموسوي والد الشريفين ، الرضى والمرتضى. ففي أحداث سنة ٤٢٠ ه ـ أي بعد وفاة الرضى بأربعة عشر عاما ـ نرى أخاه الشريف المرتضى يذهب مع قوم من مشايخ أهل الكرخ إلى دار الخليفة القادر العباسي فيعتذرون من جناية مذهبية قام بها أحداث الكرخ من أبناء الشيعة (٣)
__________________
(١) عبقرية الشريف الرضى ، لزكى مبارك ج ١ ص ١٥١ مطبعة الجزيرة. بغداد.
(٢) المنتظم ج ٧ ص ٥٧
(٣) المصدر السابق ج ٨ ص ٤٥.