موالجها ، والطيور إلى أوكارها ومواكنها (١) . فكأنه ضم ما كان بالنهار منتشرا ، وجمع ما كان متبددا متفرقا. والأوساق مأخوذة من ذلك ، لأنها الأحمال التي يجمع فيها الطعام وما يجرى مجراه. ويقال : طعام موسوق. أي مجموع فى أوعيته.
وقد قيل : إن معنى « وسق » أي طرد. والوسيقة : الطريدة. فكأن الليل يطرد الحيوانات كلها إلى مثاويها ، ويسوقها إلى مخافيها.
وقوله سبحانه : ﴿ لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ﴾ [١٩] وهذه استعارة على بعض التأويلات. والمراد بها لتنقلبنّ من حال شديدة إلى حال مثلها ، من حال الموت وشدته ، إلى حال الحشر وروعته.
وقيل : لتركبن سنّة من كان قبلكم من الأمم.
وقيل : المراد بذلك تنقّل الناس فى أحوال الأعمار ، وأطوار الخلق والأخلاق. والعرب تسمى الدواهي « بنات طبق » . وربما سمّوا الداهية : أم طبق. قال الشاعر (٢) .
قد طرّقت ببكرها أمّ طبق |
|
فنتجوها خبرا ضخم العنق |
موت الإمام فلقة من الفلق
__________________
(١) الموكن والموكنة بكسر الكاف فيهما : عش الطائر.
(٢) هو خلف الأحمر. وأصله مولى لأبى بردة من فرغانة ، ولكنه حفظ كلام العرب وشعرهم وأخبارهم ، حتى صار يقول الشعر فيجيده وينحله الشعراء المتقدمين. وكان الأصمعى من رواته ، كما سمع هو من حماد الرواية. وأخباره فى « طبقات الأدباء » و « الشعر والشعراء » و « العقد الفريد » و « الفهرست » . وتوفى سنة ١٨٠ ه .
وأم طبق : هى الداهية. والخبر : الناقة الغزيرة اللبن ، والفلقة : الداهية. وفى « ثمار القلوب » للثعالبى : قال الأصمعى : أول من نعى المنصور بالبصرة خلف الأحمر ، وكنا فى حلقة يونس ، فجاء خلف الأحمر فسلم ، ولم يكن الخبر فشا ، ثم قال : « قد طرقت ببكرها أم طبق » . فقال يونس : وما ذاك يا أبا محرز ؟ فقال : « فنتجوها خبرا ضخم العنق » . فقال : لم أدر بعد ! فقال : « موت الإمام فلقة من الفلق » . فارتفعت الضجة بالبكاء والاسترجاع ـ ص ٢٠٧ من « الثمار » .
وانظر الخبر فى « لسان العرب » مادة طبق. وفى الورقة ٦٠ من كتاب « المعول عليه ، فى المضاف والمضاف إليه » للمحبى ، وهو مخطوط مصور بمجمع اللغة العربية