ومن السورة التي يذكر فيها « الذاريات »
قوله سبحانه فى صفة حجارة القذف : ﴿ مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ ﴾ [٣٤] وهذه استعارة. والمسوّمة : المعلمة. وأصل ذلك مستعمل فى تسويم الخيل للحرب. أي تعليمها بعلامات تتميز بها من خيل العدو. شبّهت هذه الحجارة بها لأنها معلّمة بعلامات تدلّ على مكروه المصابين ، وضرر المعاقبين ، كما كانت الخيل المسوّمة تدل على ذلك فى لقاء الأعداء. وإرسال هذه للعراك كإرسال تلك للهلاك.
وقيل : إن التسويم فى تلك الحجارة هو أن تجعل نكتة سوداء فى الحجر الأبيض ، أو نكتة بيضاء فى الحجر الأسود.
وقيل : كان عليها أمثال الطوابيع والخواتيم. وقد تكلمنا على نظير هذه الاستعارة فى « هود » .
والمراد بقوله تعالى : ﴿ عِندَ رَبِّكَ ﴾ أي خلقها سبحانه كذلك من غير أن يفعلها فاعل ، أو يجعلها جاعل. فلأجل هذه الحال وجب أن يجعل لها تعالى هذا الاختصاص بقوله : ﴿ عِندَ رَبِّكَ ﴾ . وقد يجوز أيضا أن يكون المراد بذلك أنها مسوّمة فى سلطان الله تعالى وملكوته. وفى موضع العقاب المعدّ للمذنبين من خلقه.
وقوله تعالى : ﴿ فَتَوَلَّىٰ بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ ﴾ [٣٩] وهذه استعارة.
وقد قيل : إن المراد بها أنه أعرض بجنوده الذين هم كالركن له ، والحجارة