[ فى قوله (١) ] تعالى فى الحكاية عن جهنم : ﴿ هَلْ مِن مَّزِيدٍ ﴾ بمعنى لا من مزيد فىّ. وليس ذلك على طريق طلب الزيادة ، وهذا معروف فى الكلام. ومثله قوله عليهالسلام : ( وهل ترك (٢) عقيل لنا من دار ؟ ) أي ما ترك لنا دارا.
وقوله سبحانه وتعالى : ﴿ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾ [٣٧] وهذه استعارة. وقد مضى نظير لها فيما تقدم. والمعنى أنه بالغ فى الإصغاء إلى الذكرى ، وأشهدها قلبه ، فكان كالملقى إليها سمعه ، دنوّا من سماعها ، وميلا إلى قائلها.
والمراد بقوله تعالى : ﴿ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ ﴾ [٣٧] أي عقل ولبّ. [ و] (٣) يعبّر عنهما بالقلب ، لأنهما يكونان بالقلب. أو يكون المعنى : لمن كان به قلب ينتفع به. لأن من القلوب ما لا ينتفع به ، إذا كان مائلا إلى الغىّ ، ومنصرفا عن الرّشد.
__________________
(١) مطموسة فى الأصل.
(٢) قاله عليهالسلام حين فتح مكة. فقد مضى الزبير بن العوام برايته حتى ركزها عند قبة رسول الله ، وكان معه أم سلمة وميمونة رضى الله عنهما ، وقيل : يا رسول الله ! أ لا تنزل منزلك من الشعب ؟ فقال : وهل ترك لنا عقيل منزلا ؟ وكان عقيل بن أبى طالب قد باع منزل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ومنزل إخوته. والرجال والنساء بمكة. فقيل : يا رسول الله ! فانزل فى بعض بيوت مكة فى غير منازلك ، فقال ! : لا أدخل البيوت ! فلم يزل مضطربا بالحجون لم يدخل بيتا ، وكان يأتى المسجد من الحجون لكل صلاة. انظر الخبر فى « إمتاع الأسماع » للمقريزى المؤرخ ، ج ١ ص ٣٨١.
(٣) ليست بالأصل ، والسياق يقتضيها.