بعد ضعفه ، ويجبر بعد وهنه. أي ما تقوم (١) له قائمة فى بدء ولا عود. والبدء : الحال الأولى. والعود : الحال الأخرى. وكذلك الإبداء والإعادة.
ويجوز أن يكون لذلك وجه آخر ، وهو أن يكون المعنى أن الباطل كان عند غلبة الحق وظهوره بمنزلة الواجم الساكت ، والحائر الذاهل ، الذي لا قدرة له على الحجاج ، ولا قوة له على الانتصار. كقولهم : سكت فما أعاد ولا أبدأ. عند وصف الإنسان بالحيرة ، أو غلبة الفكرة.
وقد قيل أيضا فى ذلك وجه آخر يخرج به الكلام عن حيز الاستعارة. وهو أن يكون المراد أن صاحب الباطل لا يبدئ ولا يعيد عند حضور صاحب الحق ، ضعفا عن حجاجه ، وضلالا عن منهاجه. فجعل المضاف هاهنا فى موضع المضاف إليه. وذلك كثير فى كلامهم.
وقوله تعالى : ﴿ وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِن مَّكَانٍ بَعِيدٍ ﴾ [٥٣] وهذه استعارة. والمراد بذلك ـ والله أعلم ـ أنهم يقولون ما لا يعلمون ، ويظنون ولا يتحققون. فهم بمنزلة الرامي غرضا بينه وبينه مسافة متباعدة ، فلا يكون سهمه أبدا إلا قاصرا عن الغرض ، وعادلا عن السّدد.
__________________
(١) فى الأصل : « يقوم » .