ومن السورة التي يذكر فيها
الملائكة (١) عليهمالسلام
قوله سبحانه : ﴿ إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾ [١٠] وهذه استعارة. وليس المراد أن هناك على الحقيقة شيئا يوصف بالصعود ، ويرتقى من سفال إلى علو. وإنما المراد أن القول الطيب والعمل الصالح متقبلان عند الله تعالى ، واصلان إليه سبحانه. بمعنى أنهما يبلغان رضاه ، وينالان زلفاه. وأنه تعالى لا يضيعهما ولا يهمل الجزاء عليهما. وهذا كقول القائل لغيره : قد ترقّى الأمر إلى الأمير. أي بلغه ذلك على وجهه ، وعرفه على حقيقته. وليس يريد به الارتقاء الذي هو الارتفاع ، وضده الانخفاض.
ووجه آخر : قيل إن معنى ذلك صعود الأقوال والأعمال إلى حيث لا يملك الحكم فيه إلا الله سبحانه. كما يقال : ارتفع أمر القوم إلى القاضي. إذا انتهوا إلى أن يحكم بينهم ، ويفصل خصامهم. ووجه آخر : قيل إن الله سبحانه لما كان موصوفا بالعلو على طريق الجلال والعظمة ، لا على طريق المدى والمسافة ، فكل ما يتقرب به إليه من قول زكى ، وعمل مرضى فالإخبار (٢) عنه يقع بلفظ الصعود والارتفاع ، على طريق المجاز والاتساع.
وقوله سبحانه : ﴿ وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ ، وَإِن تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَىٰ حِمْلِهَا
__________________
(١) هى سورة فاطر. وهى السورة الخامسة والثلاثون من القرآن. وقد ذكرت الملائكة فيها فى قوله تعالى فى أولها : ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَّثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ، يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ، إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
(٢) فى الأصل « والأخبار » بالواو. والفاء هنا هى الصحيح.