ومن السورة التي تذكر فيها
« سبأ »
قوله تعالى : ﴿ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا ، قَالَ رَبُّكُمْ ﴾ [٢٣] الآية (١) وهذه استعارة ، على قراءة من قرأ : فزّع بالزاي والعين ، وفرّع بالراء والعين.
فالمراد بقراءة من قرأ : فزع بالعين غير معجمة ، أي أزيل الفزع عن قلوبهم. كما تقول : قذيت عينه. إذا أزلت القذى عنها. وهو كقولهم : رغّب عنه. إذا رفعت الرغبة عنه. خلافا لقولهم : رغب فيه ، إذا صرفت الرغبة إليه. فالرغبة فى أحد الأمرين منقطعة ، وفى الآخر منصرفة. والمراد بقراءة من قرأ : فرّغ بالغين معجمة ، قريب من المراد بقراءة الأولى. كأنه سبحانه قال : حتى إذا أخرج ما كان فى قلوبهم من الخوف والوجل ففرغت منها.
وإنما قال : عن قلوبهم. لأنه سبحانه أقام ذلك مقام التفريج عن قلوبهم. فكما حسن أن يقال : فرّج عن قلبه ، فكذلك حسن أن يقال : فرّغ عن قلبه.
وهذا موضع سرّ لطيف ، ومعنى عجيب.
وقوله تعالى : ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن نُّؤْمِنَ بِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ [٣١] وهذه استعارة. والمراد بها ما تقدم القرآن من الكتب ، فكأنها كانت مشيرة إليه ، ومصرفة بين يديه. وقد مضى الكلام على نظائر ذلك فيما تقدم.
__________________
(١) تكملة الآية : ﴿ الُوا الْحَقَّ . وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾