القائل أحمدت فلانا. أي وجدته محمودا. وذلك يؤول إلى معنى العلم. فكأنه تعالى قال : علمناه غافلا. وعلى هذا قول عمرو بن معديكرب (١) لبنى سليم : ( لله درّكم يا بنى سليم ! والله لقد قاتلناكم فما أجبنّاكم ، وهاجيناكم فما أفحمناكم ، وسألناكم فما أبخلناكم ) أي لم نصادفكم على هذه الصفات ، من الجبن عند النزال ، والبخل عند السؤال ، والعىّ عند المقال (٢) .
وعلى ذلك قول نافع (٣) بن خليفة الغنوىّ.
سألنا فأحمدنا ابن كلّ مرزّإ |
|
جواد وأبخلنا ابن كلّ بخيل |
أي وجدنا هذا محمودا ، ووجدنا هذا بخيلا مذموما.
وفيما علقته عن قاضى القضاة أبى الحسين عبد الجبار (٤) بن أحمد ـ أدام الله توفيقه ـ عند قراءتى عليه كتابه الموسوم « بتقريب الأصول » فى أخريات من الكلام فى
__________________
(١) عمرو بن معديكرب الزبيدي كان فارسا من فرسان اليمن وصاحب غارات مشهورة. وقد على النبي عليهالسلام سنة ٩ ه فأسلم وقومه ، ولما توفى النبي ارتد عن الإسلام ، ثم رجع إليه فحسن إسلامه وشهد واقعة القادسية وسائر الفتوح. ومن شعره قصيدته التي يقول فيها :
إذا لم تستطع شيئا فدعه |
|
وجاوزه إلى ما تستطيع |
وتوفى سنة ٢١ ه على مقربة من مدينة الري.
(٢) كان مقتضى الترتيب هنا أن يقول : من الجبن عند النزال ، والعي عند المقال ، والبخل عند السؤال ، ليصح التقسيم.
(٣) نافع بن خليفة الغنوي شاعر روى القالي قطعة من شعره فى « ذيل الأمالى » ص ١١٦ ، كما ذكر الجاحظ فى « البيان والتبيين » أبياتا من شعره ج ١ ص ١٧٦. وقد جهدت ـ بعد جهد العلامة عبد العزيز الميمنى ـ فى معرفة شىء عنه فلم أوفق. ويقول عنه فى « سمط اللآلى » : ( ونافع لم أعرفه ، ولا ذكره الآمدى ) ج ٣ من السمط ص ٥٥.
(٤) هو أبو الحسين الشافعي المعتزلي. وكان أحد شيوخ المؤلف. قرأ عليه فى مجازات القرآن وفى المجازات النبوية. وكان شيخ الاعتزال فى عصره. ويلقب بقاضى القضاة ولا يطلقون هذا اللقب على غيره. توفى بالري سنة ٤١٥. انظر الأعلام للزركلى ، والغدير ج ٤ للأمينى ص ١٦٣. وقد كان فى الأصل « أبو الحسن » فأصلحناه عن « الأعلام »