موضع آخر : ﴿ وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيَارَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ وَأَرْضًا لَّمْ تَطَئُوهَا ﴾ (١) وليس يصح فى إيراث الجنة مثل هذه المعاني التي ذكرناها ، لأن الجنة لا يسكنها قوم بعد قوم قد فارقوها وانتقلوا عنها. فقوله سبحانه : ﴿ أَن تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا ﴾ على الأصل الذي قدّمناه استعارة. ويكون المعنى الذي يسوغ هذه الاستعارة أن هؤلاء المؤمنين لما عملوا فى الدار الدنيا أعمالا استحقوا عليها الجزاء والثواب ، ولم يصحّ أن يوفر عليهم ذلك إلا فى الجنة ، وهى من الدار الآخرة ، فكأنهم استحقوا دخولها. فحسن من هذا الوجه أن يوصفوا بأنهم أورثوها ، وإن لم يكن سكناهم لها بعد سكنى قوم آخرين انتقلوا عنها. وسوّغ ذلك أيضا اختلاف حال الدارين ، وانتقالهم من الأولى إلى الآخرة. فكأنّ ما عملوه فى الدار الأولى كان سببا لما وصلوا إليه فى الدار الآخرة ، كما يستحقّ الميراث بالسبب.
وقوله تعالى : ﴿ الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا ﴾ [٤٥] وهذه استعارة ، فإن (٢) سبيل الله سبحانه : دينه. ومعنى ويبغونها عوجا أي يبتغون عنها المتحاول ، ويطلبون منها الفسح والمخارج ، ويوهمون بالشبهات أنها معوجة غير قويمة ، ومضطربة غير مستقيمة.
وقوله تعالى : ﴿ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ ﴾ [٥٣] وقد مضى نظير ذلك فى أول السورة.
وقوله سبحانه : ﴿ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ ﴾ [٥٤] (٣) .
__________________
(١) سورة الأحزاب. الآية رقم ٢٧.
(٢) فى الأصل « بأن » وهو تحريف.
(٣) هنا قطعة ناقصة من الأصل تبلغ قدر ست ورقات من الآية رقم ٥٣ من الأعراف إلى الآية رقم ٦٤ من سورة التوبة.