قيل إن (١) المراد بذلك تقليبها على قراميص (٢) الجمر فى نار جهنم ، وذلك يخرج الكلام عن حيز الاستعارة إلى حيز الحقيقة.
وقوله تعالى : ﴿ وَلِتَصْغَىٰ إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ ﴾ [١١٣] . وهذه استعارة. والمعنى : ولتميل إليه أفئدة هؤلاء المذكورين. ويقال : صغى فلان إلى فلان. أي مال إليه. وصغوه معه : أي ميله. ومنه أصغى بسمعه إلى الكلام. إذا أماله إلى جهته ، ليقرب من استماعه. وميل القلب إلى المعتقدات ، كميل السمع إلى المسموعات.
وقوله تعالى : ﴿ لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِندَ رَبِّهِمْ ﴾ [١٢٧] . وهى استعارة. والمراد : لهم محل الأمنة والسلامة والمنجاة من المخافة. وتلك صفة الجنة. والسلام هاهنا : جمع سلامة (٣).
وقوله تعالى : ﴿ قَالُوا شَهِدْنَا عَلَىٰ أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا ﴾ [١٣٠] وهذه استعارة. لأنهم لما اغتروا بالحياة الدنيا حسن أن يقال إنها غرتهم. ولما كان فيها ما تميل إليه شهواتهم جاز أن يقال : إنها استمالت شهواتهم.
وقوله تعالى : ﴿ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ﴾ [١٥٣] وهى استعارة. والسبل التي هى الطرق لا تتفرق بهم ، وإنما هم الذين يفارقون نهجها (٤) ، ويتبعون عوجها.
__________________
(١) كتب الناسخ « أن » بوضع همزة فوقها فتحة ، وعجيب أن يكون ذلك بعد مادة القول.
(٢) القراميص : جمع قرماص وهو فى الأصل الحفرة الواسعة الجوف الضيقة الرأس يستدفئ فيها الصرد ، أو هى موضع خبز الملة.
(٣) ويصح أن يكون السلام اسما من اسم الله تعالى. فتكون دار السلام دار الله. كما يقال للكعبة بيت الله.
(٤) فى الأصل « بهجتها » وهو تحريف من الناسخ. ولعل الصواب نهجها ، أو محجتها.