وقوله تعالى : ﴿ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ﴾ [٤٨] . وهذه استعارة. والمراد : ولا تطع أمرهم ، ولا تجب داعيهم ، فأقام سبحانه أهواءهم مقام الدعاة إلى الرّدى ، والهداة إلى العمى.
وقوله تعالى : ﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾ (١) [٤٨] . وهذه استعارة عجيبة : والمعنى : فبادروا فعل الخيرات إن كنتم على غير أمان من حضور الأجل ، وتضييق الأمل. وذلك شبيه لسباق الخيل ، لأن كل واحد من فرسانها يشاحّ غيره على بلوغ الغاية المقصودة ، وينافسه فى الإسراع إلى البغية المطلوبة.
وقوله سبحانه : ﴿ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾ [٥٤] . وهذه استعارة. لأن الحبّ الذي هو ميل الطباع لا يجوز على القديم سبحانه ..... (٢)
وقوله تعالى : ﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ ، وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ﴾ [٦٤] . وهذه استعارة. ومعناها أن اليهود أخرجوا هذا القول مخرج الاستبخال لله سبحانه ، فكذبهم تعالى بقوله : ﴿ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ ﴾ وليس المراد بذكر اليدين هاهنا الاثنتين اللتين هما أكثر من الواحدة ، وإنما المراد به المبالغة فى وصف النعمة. كما يقول القائل : ليس لى بهذا الأمر يدان ، وليس يريد به الجارحتين ، وإنما يريد المبالغة فى نفى القوة على ذلك الأمر. وربما قيل إن المراد بذلك نعمة الدنيا ونعمة الآخرة. والله أعلم أىّ ذلك أصوب. وقد أشبعنا الكلام على هذا المعنى فى كتابنا الكبير.
وقوله تعالى : ﴿ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ﴾ [٦٤] وهذه استعارة.
__________________
(١) فى الأصل « واستبقوا الخيرات » بالواو لا بالفاء وهو تحريف من الناسخ.
(٢) هنا سطران غير واضحين ، وثانيهما مطموس المعالم.