وقوله سبحانه : ﴿ هُمْ دَرَجَاتٌ عِندَ اللَّهِ ، وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾ . [١٦٣] وهذه استعارة. لأن الإنسان غير الدرجة. وإنما المراد بذلك : هم ذوو درجات متفاوتة عند الله ، فالمؤمن درجته مرتفعة ، والكافر درجته متّضعة.
وقوله تعالى : ﴿ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ﴾ [١٨٥] وهذه استعارة. لأن الغرور لا متاع له على الحقيقة ، وإنما المراد بذلك أن ما يستمتع به الإنسان من حطام الدنيا ظلّ زائل ، وخضاب ناصل.
وقوله تعالى فى صدر هذه الآية : ﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ﴾ [١٨٥] مستعار أيضا ، لأن حقيقة الذوق ما أدرك بحاسة ، وإنما حسن وصف النفس بذلك لما يحسّ به من كرب الموت وعذابه ، فكأنها تحسّه بذوقه.
وقوله : ﴿ وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴾ [١٨٦] . فهذه استعارة. لأن الأمور لا عزم لها ، وإنما العزم للموطّن نفسه على فعلها ، وهو الإنسان. فالمراد : فإن ذلك من قوة الأمور. لأن العازم على فعل الأمر قويّ عليه.
وقوله تعالى : ﴿ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ ﴾ [١٨٧] . وهذه استعارة. والمراد بها : أنهم غفلوا عن ذكره ، وتشاغلوا عن فهمه (١) ، يعنى الكتاب المنزل عليهم ، فكان كالشيء الملقى خلف ظهر الإنسان ، لا يراه فيذكره ، ولا يلتفت إليه فينظره ..
وقوله : ﴿ فَلَا تَحْسَبَنَّهُم بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ ﴾ [١٨٨] . ومنجاة من العقاب. والمفازة : الأرض البعيدة التي إذا قطعها الإنسان فاز بقطعها ، وأمن من خوفها.
وقوله تعالى : ﴿ لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ ، مَتاعٌ قَلِيلٌ ﴾ [ ١٩٦ ، ١٩٧ ] وهذه استعارة. والمراد بالتقلب هاهنا كثرة الاضطراب فى البلاد ، والتقلقل فى الأسفار ، والانتقال من حال إلى حال.
__________________
(١) فى الأصل « فمه » وهو تحريف ، فإن طريقة الناسخ فى كتابة الهاء أن لا يبين كتابتها فتبدو كأنها قنطرة.