ومن السورة التي يذكر فيها « النساء »
قوله تعالى : ﴿ إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا ، وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ﴾ [١٠] وهذه استعارة ، وقد مضى الكلام على نظيرها فى « البقرة » . والمعنى أنهم لما أكلوا المال المؤدى إلى عذاب النار ، شبّهوا من هذا الوجه بالآكلين من النار.
وقوله تعالى : ﴿ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ ﴾ [١٥] وهذه استعارة. لأن المتوفّى ملك الموت. فنقل الفعل إلى الموت على طريق المجاز والاتساع. لأن حقيقة التوفى هو قبض الأرواح من الأجسام.
وقوله سبحانه : ﴿ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ ﴾ (١) ﴿ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ ﴾ [٣٣] . وهذه استعارة. والمراد بها ـ والله أعلم ـ أن من عقدتم بينكم وبينه عقدا ، فأدّوا إليه ما يستحقه بذلك العقد عليكم. وإنما نسب المعاقدة إلى الأيمان على عادة العرب فى ذلك. يقول القائل : أعطانى فلان صفقة يمينه على كذا. وأخذت يد فلان مصافحة على كذا. وعلى هذا النحو أيضا إضافة الملك إلى الأيمان فى قوله تعالى : « وما ملكت أيمانكم » لأن الإنسان فى الأغلب إنما يقبض من المال المستحق بيمينه ، ويأخذ السلع المملوكة بيده.
وقوله سبحانه : ﴿ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ ﴾ [٤٦] . وهذه استعارة. والمراد بها ـ والله أعلم ـ أنهم ينكسون الكلام عن حقائقه ، ويزيلونه عن جهة صوابه ، حملا له على أهوائهم ، وعطفا عن آرائهم.
__________________
(١) فى الأصل « والذين عاقدت » بفعل المفاعلة ، وهى قراءة. كما أن هناك قراءة « عقدت » بتشديد القاف ، رواها على بن كبشة عن حمزة.