وقوله سبحانه : ﴿ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مِّنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ ﴾ [٢٥٧] وهذه استعارة. والمراد بها إخراج المؤمنين من الكفر إلى الإيمان ، ومن الغى إلى الرشاد ، ومن عمياء (١) الجهل إلى بصائر العلم.
وكلّ ما فى القرآن من ذكر الإخراج من الظلمات إلى النور فالمراد به ما ذكرنا. وذلك من أحسن التشبيهات. لأن الكفر كالظلمة التي يتسكع فيها الخابط ، ويضل القاصد. والإيمان كالنور الذي يؤمه الحائر ، ويهتدى به الجائر. لأن عاقبة الإيمان مضيئة بالإيمان والثواب ، وعاقبة الكفر مظلمة بالجحيم والعذاب. وفى لسانهم وصف الجهل بالعمى والعمه ، ووصف العلم بالبصر والجلية. يقال : قد غمّ عليه أمره ، وأظلم عليه رأيه. إذا كان جاهلا بما يرتئيه ويفعله. ويقال فى نقيض ذلك : هو على الواضحة من أمره ، والجلية من رأيه. إذا كان عالما بما يورد ويصدر ، فيما يأتى ويذر.
وقوله سبحانه : ﴿ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ ﴾ [٢٨٣] . وذلك مثل قوله تعالى : ﴿ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ ﴾ لأن الآثم والكاسب صاحب القلب ، دون القلب على ما تقدم من القول.
__________________
(١) جرى الناسخ على عدم إثبات همزة الممدود فكتب « عميا » بدون همزة. وقد همزنا ما أغفله فى جميع المواطن بالكتاب ، فلا حاجة إلى التنبيه عليه.