النساء ، فيكون قد كسب نفسه العقاب ، ونقصها الثواب. فكأنه قد خانها فى نفى المنافع عنها ، أو جرّ المضار إليها. وأصل الخيانة فى كلامهم : النقص ، فعلى هذا الوجه تحمل خيانة النفس.
وقوله تعالى : ﴿ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ﴾ [١٨٧] . وهذه استعارة عجيبة. والمراد بها على أحد التأويلات : حتى يتبين بياض الصبح من سواد الليل. والخيطان هاهنا مجاز. وإنما شبّها بذلك لأن خيط الصبح يكون فى أول طلوعه مستدقا خافيا ، ويكون سواد الليل منقضيا مولّيا ، فهما جميعا ضعيفان ، إلا أن هذا يزداد انتشارا ، وهذا يزداد استسرارا.
وقوله تعالى : ﴿ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ ﴾ [١٨٨].
وقوله تعالى : ﴿ مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً ﴾ [٢٤٥] . وهذه استعارة. لأن الغنىّ بنفسه (١) لا يجوز عليه الاستقراض على حقيقته ، ولكن المقرض فى الشاهد لما كان اسما لمن أعطى غيره مالا على أن يردّ عليه عوضه ، أقام سبحانه توفية (٢) العوض عليه مقام رد القرض.
وقوله سبحانه : ﴿ رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا ﴾ [٢٥٠] فهذه استعارة. كأنهم قالوا : أمطرنا صبرا ، واسقنا صبرا. وفى قوله : أفرغ ، زيادة فائدة على قوله : أنزل ، لأن الإفراغ يفيد سعة الشيء وكثرته وانصبابه وسعته.
__________________
(١) فى الأصل « الغنى لنفسه » وهو تحريف من الناسخ ، فالله غنى بنفسه لا غنى لنفسه.
(٢) فى الأصل « توفيه » بالهاء لا بالتاء المربوطة كما أصلحناه.