جاءت ، وطريق مجيئها أفواههم ، فكأنهم ردوا عليهم أقوالهم ، وكذبوا دعواهم ... ثم يقول بعد ذلك : ( وفى هذا التأويل بعد وتعسف إلا أننا ذكرناه لحاجتنا إليه ، لما ذهبنا مذهب من حمل قوله سبحانه ﴿ فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ ﴾ على الاستعارة لا على الحقيقة ) .
ثم يمضى الشريف الرضى رحمهالله فى عرض الأقوال المقولة فى تأويل هذه الآية والتعليق عليها فيقول : ( وقال بعضهم : بل المراد بذلك ضرب من الهزؤ يفعله المجان والسفهاء إذا أرادوا الاستهزاء ببعض الناس ، وقصدوا الوضع منه ، والإزراء عليه ، فيجعلون أصابعهم فى أفواههم ، ويتبعون هذا الفعل بأصوات تشبهه وتجانسه ، يستدل بها على قصد السخف وتعمد الفحش ، وهذا عندى بعيد من السداد ، وغيره من الأقوال أولى منه بالاعتماد ) .
ويقول معلقا على قول بعض المفسرين لقوله تعالى ﴿ فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا ﴾ : ( وفى هذا القول بعض التخليط ، والذي أذهب إليه فى ذلك ما ذكرته فى كتابى الكبير على شرح واستقصاء ، وهو أن يكون المراد بقوله تعالى : ﴿ فَضَرَبْنَا عَلَىٰ آذَانِهِمْ ﴾ والله أعلم : أي أخذنا أسماعهم ، فبطل استماعهم ) .
ويقول معقبا على قول من فسروا العجل بالطين فى قوله تعالى فى سورة الأنبياء ﴿ خُلِقَ الْإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ ﴾ : ( فأما من قال من أصحاب التفسير إن العجل هاهنا اسم من أسماء الطين ، وأورد عليه شاهدا من الشعر ، فلا اعتبار بقوله ، ولا التفات إلى شاهده ، فإنه شعر مولد ) .
وقصد الشريف الرضى بالشعر المولد هو هذا البيت الذي ذكره بعض المفسرين مستشهدا على أن العجل اسم من أسماء الطين :