فتى لم تورّكه الإماء ولم تكن |
|
أعاريبه مدخولة بالأعاجم |
وشب ، وقد استفاد ثقافته النفسية من ذلك المحيط المفعم بالنقباء والأمراء ، والعلماء والأدباء : هم اسرة أبيه بني « موسى بن جعفر الصادق » امام الفقهاء ، واسرة امه بني الناصر الكبير ابى محمد الحسن الأطروش صاحب الديلم شيخ الطالبيين وعالمهم وزاهدهم وأديبهم ومالك الأمر في بلاد الجبل كله. ونحن لا نغفل عما للاسرة التي تحيط بالرجل ، وما للبيئة التي يعيش فيها ، من التأثير في تربيته في ناحية العلم والأدب وغيرهما ، بل ليس هو إلا ثمرة من ثمار ذلك العصر الذي ولده ، ونامية من ناميات تلك الأرض التي درج عليها ، ولسنا نحتاج أن نذكر الدين ، فان تأثير التربية والبيئة فيه أظهر من أن نشير اليه. وما عليّ إذا تركت المقال في غير الاسرة لغير هذه النّبذة التي لا تناسبها الاطالة !
أما أسرة امه ، فهم اسرة علم وادب وقضاء وفروسية ونسك ورواية ، ومنهم من دوّخ البلاد بحروبه طمعا في الخلافة والملك ، وتم لبعضهم ذلك في الطالقان وفي جبال الديلم (١) ؛ وإياهم يعني الشريف بقوله في مرثية أمه :
آباؤك الغر الذين تفجرت |
|
بهم ينابيع من النعماء |
من ناصر للحق أو داع الى |
|
سبل الهدى او فارج الغماء |
وما كان الشريف ـ وهو محاط بالمناوءين والحساد ـ ليقول في
__________________
(١) صاحب الطالقان هو محمد بن القاسم الصوفي الزاهد ، والذي ملك الجبل هو الناصر الأكبر الأطروش.