هؤلاء ما لا يعرفه لهم الناس او ما ينكرونه ، ولعل الكثير من الناس يومئذ رآهم وعرفهم. أما نحن إذا غمّ علينا أمرهم من التأريخ الذي ينوّه بأقدارهم ، فان الشريف نفسه يجلو لنا الحقيقة الناصعة بقوله من مرثية خاله وقد توفى سنة ٣٩١ :
من القوم حلوا في المكارم والعلا |
|
بملتف اعياص الفروع الأطايب |
فما شئت من داع الى الله مسمع |
|
و من ناصر للحق ماضى الضرائب |
هم استخدموا الأملاك عزا وأرهفوا |
|
بصائرهم بعد الردى والمعاطب |
و هم انزلوهم بعد ما امتدّ غيّهم |
|
جماحا على حكم من الدين واجب |
واما اسرة أبيه ، فلقد كانت تقترب كثيرا من اسرة الخلافة في الابهة والسلطان ، ويكفي من ذكرها ـ لمعرفة مقدار تأثره بها في التربية والأخلاق ـ ان نذكر أباه ( أبا احمد ) ، الذي ارتبى في كنفه وفي ظل منعته ، وإذا نحن فتشنا عن حاله اصدق المصادر نجدها تثبت له نسكا مشهورا وهيبة ووقارا ، وإرادة قوية وعصبية شديدة ، وأصالة رأي وجدّ في الأعمال ، يستطيع بها ان يتلاعب بالدولة ، ويتجرّأ على مقدراتها. ولهذه الصفات وهذه الملكات سفر ايام ( معز الدولة ) بينه وبين الأتراك ، الذين يحاولون ان يستردوا صولجان الحكم الذي كان بأيديهم في العاصمة. وتوسط الصلح بينه وبين ابى تغلب بن حمدان ، لما شغب في أطراف الجزيرة. وفي ايام ( بهاء الدولة ) سفر بينه وبين صمصام الدولة ، وهو بفارس. وفي هذه السّفارة يقول ولده في احدى روائعه :
رموا به الغرض الأقصى فشافهه |
|
مرّ القطامي جلّى بعد ما لمحا |