الدولة ، لأبى أحمد ـ وهو يلقي القبض عليه ليعتقله في القلعة بفارس ـ : « كم تدل علينا بالعظام النخرة » ، على صدق المثل السائر ( الولد على سرّ أبيه ) . وإن للشريف من الفخر بنفسه من أخلاق وملكات عالية يمتاز بها عن غيره ما يغنيه عن التمجد بآبائه ، وكفى أن نثبت له في هذه النبذة ما ينبئ عنه قوله :
ملكت بحلمي فرصة ما استرقّها |
|
من الدهر مفتول الذراعين أغلب |
فحسبي أني للأعادي مبغّض |
|
و أني إلى غرّ المعالي محبب |
وقور فلا الالحان تأسر عزمتي |
|
و لا تمكر الصهباء بي حين أشرب |
و لا أعرف الفحشاء إلا بوصفها |
|
و لا انطق العوراء والقلب مغضب |
تحلّم عن كرّ القوارص شيمتي |
|
كأن معيد الذم بالمدح مطنب |
لساني حصاة يقرع الجهل بالحجى |
|
إذا نال مني العاضة المتوثب |
و لست براض أن تمس عزائمي |
|
فضالات ما يعطى الزمان ويسلب |
غرائب آداب حبانى بحفظها |
|
زمانى وصرف الدهر نعم المؤدب |
مولده. نشأته. أسرته لابيه. أسرته لامه :
ولد الشريف في مدينة السلام : مدينة الثقافة وعاصمة الشرق ، سنة ٣٥٩ ه ، ذلك الزمن الذي امتدت إليه حضارة عصر المأمون ، وأخذ بنصيب وافر من أبهته وجلالة العمران فيه ؛ فاستهل في حجور سامية ، ودرّت عليه فيها أخلاف العفاف الهاشمي ، ودرج من أحضان الحصانة والامانة الى ظل ووارف من الزعامة والعظمة ، فنشأ كما يقول :