التاريخ ولقال أنّ الحُسين سبط رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد فَرَّط في المسؤولية الإلهية المُناطة بهِ ، وذلك لأنّ الظروف قد تهيّأت له بعد أن راسله الآلاف مِن أهل الكوفة وجمعٌ كبير مِن الوجهاء ورؤساء العشائر ، وأكّدوا له أنّهم على استعداد تامِّ لمُناصرتهِ وأنّ مدينة الكوفة مُتهيّئة لاحتضان ثورتهِ ، وأنََّه ليس مِن العسير عليهم طرد الوالي الأموي مِنها.
وحينئذ وعندما تسقط مدينة الكوفة وتُنتزع من سلطة الأمويّين فإنّ ذلك يُنتج سقوط القرى والمدن المجاورة لها نظراً لارتباطها سياسيّاً وأمنيّاً بولاية الكوفة ، بل وحتَّى بلاد فارس والأهواز وبعض المدن الواقعة في مشرق الدولة الإسلامية وقراها التي كانت تابعة سياسيّاً لولاية الكوفة ، بل إنّ سقوط الكوفة بيد الثوّار سوف يسهّل الهيمنة على مدينة البصرة والمدن المُجاورة لها ، ذلك لتركّز الثُقل العسكري والسياسي في العراق آنذاك في مدينة الكوفة.
ومِن هنا إن أهمل الإمام الحُسين عليهالسلام دعواتِ أهل الكوفة فإنّه يُعدّ تفريطاً وتفويتاً لفرصة استثنائية ، خصوصاً وأنّ الحُسين يُدرك أنّ الأمَّة ما كانت لتستجيب ليزيد بن معاوية بن أبي سفيان (٢٦ـ٦٤هـ/٦٤٧ـ٦٨٣م) لولا قوّته وسطوته ، فإذا ما استطاع أن يوهن هذه القوّة فإنّ الحواضر والأمصار الإسلامية سوف تتداعى واحدةً تلو الأخرى ، إذ ليس ثمّة حاضرة من الحواضر الإسلامية كانت تكنّ الولاء الحقيقي ليزيد خصوصاً وللنظام الأموي بشكل عام إذا ما استثنينا بلاد الشام.