(م) ودعوى ان الفعل الذى يتحقق به التجرى وان لم يتصف فى نفسه بحسن ولا قبح لكونه مجهول العنوان لكنه لا يمتنع ان يؤثر فى قبح ما يقتضى القبح بان يرفعه إلّا ان نقول بعدم مدخلية الامور الخارجة عن القدرة فى استحقاق المدح والذم وهو محل نظر بل منع وعليه يمكن ابتناء منع الدليل العقلى السابق فى قبح التجرى مدفوعة مضافا الى الفرق بين ما نحن فيه وبين ما تقدم من الدليل العقلى كما لا يخفى على المتأمل بان العقل مستقل بقبح التجرى فى المثال المذكور ومجرد تحقق ترك قتل المؤمن فى ضمنه مع الاعتراف بان ترك القتل لا يتصف بحسن ولا قبح لا يرفع قبحه ولذا يحكم العقل بقبح الكذب وضرب اليتيم اذا انضم اليهما ما يصر فهما إلى المصلحة اذا جهل الفاعل بذلك.
(ش) اقول انه قد ذكر فيما سبق ان الافعال الغير الاختيارية لعدم اتصافها بالحسن او القبح لا يصلح للمعارضة مع قبح التجرى حتى يرفع قبحه بل لا بد من تحصيل ما يعارضه من المصلحة الاختيارية فان قلت استحالة دخل الامور الواقعية الخارجة عن الاختيار فى اتصاف الفعل بالحسن او القبح محل نظر بل منع اذ لو لم يكن الامور الخارجة عن القدرة دخيلة فى استحقاق المدح والذم فكيف يمكن ابتناء منع الدليل العقلى السابق فى قبح التجرى اى الدليل العقلى الذى كان محكيا عن المحقق السبزوارى فى قبح التجرى فان المصادفة الواقعية فى العاصى وعدم المصادفة فى المتجرى خارجتان عن الاختيار فكما ان المصادفة كانت دخيلة فى استحقاق العقاب وفى صدور القبيح منه فكذلك يمكن ان يكون الامر الغير الاختيارى فى المقام كترك قتل المؤمن والنبى فى المثال الذى ذكره مع انهما محبوبان للمولى رافعا للقبح عن التجرى هذا حاصل الدعوى الذى ذكره الشيخ قدسسره قلت ان هذه الدعوى مضافا الى الفرق بين المقامين مدفوعة بان قبح التجرى من المستقلات العقلية فلا يعارضه ولا يؤثر فيه الا ما كان العقل مستقلا بحسنه والامر الغير الاختيارى لا يكون كذلك فلا يستقل العقل بجواز تأثيره فى رفع ما استقل به من القبح وهو ظاهر وبيان الفرق بين هذا المقام والدليل العقلى السابق ان المستدل ـ