رسوله وحكمته وسؤدده ، فقال عزّ وجلّ : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (١) فهاهم أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوآله الذي قد أخبر قُبيل وفاته أنّه ستكثر عليه الكذّابة ، وأنّ مجتمعه سيعود يقتل بعضهم بعضاً ، ولا يدخل الجنّة منهم إلاّ كهمل النعم. ينادي على الحوض : «اللّهم أصحابي أصحابي» فيخاطبه الجليل : إنّك لا تدري ما أحدث وابعدك (٢) . فكان رسول الله صلىاللهعليهوآله بين خيارين وهو يريد حفظ شريعته باعتبارها خاتمة الشرائع وإيصالها إلى الأجيال اللاحقة إمّا أن يترك ماسنّه ، ووضّحه من الكتاب ، وما علّمه من الأحكام والآداب بين يدي أصحابه وهم هؤلاء ، وبين أن يودّع ما عنده عند أهل بيته الذين أقرّ الله عينه بهم ، ولا يتجاوز عاقل حكيم ما فعله رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ولا يخطِئه أحد فيماصنع ، فأورثها أهل بيته عليهالسلام وعلّم علي بن أبي طالب ألف باب من العلم وفتح له من كلّ باب ألف باب (٣) ، فهذه ألف ألف باب من العلم ، دوّنها علي عليهالسلام في صحيفته التي عرفت عند أرباب الحديث من المسلمين قاطبة بصحيفة علي بن أبي طالب عليهالسلام ، وجعل لابنته مصحفاً عُرف عند المسلمين أيضاً بمصحف فاطمة ، فسّر فيه كتاب الله وأملاها سنّته ، ولم يصبهما ما أصاب كتب الصحابة من التلف والإحراق ، فبقيت سنّته محفوظة عند أهل بيته عليهالسلام .
__________________
(١) سورة الأحزاب ٣٣ : ٣٣.
(٢) مسند أحمد ٣ : ٤١٠ / ١٠٨٣٦ ، و٤ : ١٩٥ / ١٣٥٧٩ ، و٦ : ٣٣ / ١٩٩٨١ و٥٤٤ / ٢٢٨٢٦ و٥٥٤ / ٢٢٨٨٤ ، صحيح البخاري ٤ : ١١٠ ، صحيح مسلم ٧ : ٦٨ ، المستدرك ٢ : ٤٤٧.
(٣) انظر : فتح الملك العلي بصحّة حديث : «باب مدينة العلم علي».