وفعله وتقريره ، فكانت سنّة رسول الله صلىاللهعليهوآله عن وحي السماء بثلاث عناصرها ومكوّناتها ، فرسول الله صلىاللهعليهوآله رسول السماء وسنّة الله في أرضه ، بُعث إلى مجتمع قد تغلغل في الشرك إلى قرنه ، وعاش الجهل بكلّ عناصره ، ومارس الظلم بأبشع أنواعه ، فكانت عادته دفن الطفلة وهي حيّة تصرخ ، يقتل وينهب ويفعل ما لا تفعله الحيوانات الضارية ، لكن رسول الله صلىاللهعليهوآله جعل من مجتمع كهذا نواة حضارة إنسانية بكلّ ما تحمله الكلمة من جمال ومعنى ، فقادهم إلى ركوب الصعاب وخوض المحن لأجل بناء مجتمع يعيش القيم والمُثل الإنسانية ، تغمره الرأفة والعطف والحنان ، فصيّرهم مصداقاً لقوله تعالى : ( وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ) (١) ، ولقوله تعالى : ( رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ۚ ذَٰلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ ) (٢) ، وجعلهم في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كالجسد الواحد لا يشتكي منه عضو إلاّوتساهرت له سائر الأعضاء تعاطفاً منها وتراحماً (٣) . وهذا هو فعل الحكيم المعلَّم من لدن شديد القوى والذي زقّه الحكمة من أخمس قدمه إلى قرن رأسه ، فجزاه الله تعالى خير الجزاء ، وأعطاه المنزلة الرفيعة ، والوسيلة إلى رضوانه. هذا ، وزاده الله تعالى خيراً فأراه في أهله ما كان يأمل ، فأذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، وجعلهم قادة وأولياء وسادة واُمناء ، وأورثهم علم
__________________
(١) سورة الحشر ٥٩ : ٩.
(٢) سورة الفتح ٤٨ : ٢٩.
(٣) بحار الأنوار ٥٨ : ١٥٠ / ٢٨ ، صحيح مسلم ٨ : ٢٠ ، حديث خيثمة الطرابلسي : ٧٤.