يسأل بعضهم بعضاً ، فكان إذا لم يكن عنده حديث يقيس ويعمل برأيه ، فهذا عمر بن الخطّاب قاس على خبر من الأخبار حين قضى في دية الأصابع في الإبهام وفي كلّ من السبّابة والوسطى بعشر وفي التي تلي الخنصر بتسع وفي الخنصر بستّ؛ وذلك لأنّه قد رأى أنّ النبىّ صلىاللهعليهوآله قضى في اليد بخمسين ففرّقها على الأصابع بأقدار مختلفة؛ لأنّها مختلفة ، لكن لمّا وُجدكتاب عمرو بن حزم وثبت أنّه كتاب رسول الله صلىاللهعليهوآله وفيه : «وفي كلّ إصبع ممّا هنالك عشر من الإبل» صاروا إليه وتُرك قول عمر (١) .
وأيضاً فعن سعيد بن المسيب أنّ عمر بن الخطّاب كان يقول : الدية للعاقلة ، ولا ترث المرأة من دية زوجها شيئاً حتّى أخبره الضحاك بن سفيان أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كتب إليه أنْ يورّث امرأة أشيم الضبابي من ديته.فرجع إليه عمر (٢) .
وأيضاً إنّ عمر بن الخطّاب لم يكن يأخذ الجزية من المجوس حتّى أخبره عبد الرحمن بن عوف أنّ النبىّ صلىاللهعليهوآله أخذها من مجوس هجر (٣) .
وكثير من هذه الموارد ذكرها العامّة في كتبهم ، فإن كان هذا يحصل من أمثال عمر بن الخطّاب الذي لازم الرسول الله صلىاللهعليهوآله ، فكيف بمَنْ كان بعده؟أو كان يعيش في مدينة اُخرى ، مثل : مكّة ، أو اليمن ، أو مع عشيرته في البادية ؟
__________________
(١) توثيق السنّة في القرن الثاني الهجري : ٩٧ ، الرسالة للشافعي : ٤٢٢ ـ ٤٢٣.
(٢) الرسالة للشافعي : ٤٢٥ ، ٤٢٦ ، مسند أحمد ٤ : ٤٨٥ / ١٥٣١٨ ، سنن أبي داوُد ٣ : ٩٠.
(٣) الرسالة للشافعي ٤٢٦ ـ ٤٢٧ ، صحيح البخاري ٤ : ٦٢ ، مسند أحمد ١ : ٣١٢ / ١٦٦٠ ، سنن الدارمي ٢ : ٢٣٤.