الإنسان ، مزيداً على هذا تطاول الزمان ، فإنّه ممّا يساعد على السهو والنسيان ، وليس هناك تعمّد من أحد ، بل هي خصلة الإنسان وبها يتفاوت أبناء المجتمع البشري بعضهم عن بعض ، فجودة الذهن ، وحدّة الفهم ، وقلّة النسيان ، وكثرة الضبط ، والحفظ تختلف من فرد إلى آخر ، وعلى كلّ حال هي موجودة في الإنسان إلاّ من عُصِم ، والصحابة والتابعون والناس حالهم في ذلك سواء ، ومن هنا كان لفكرة عدم التدوين وإتلاف المدوّن مساوئ جمّة ، منها : تكاذب الصحابة فيما بينهم ، فإنّه كان من أسوأ مساوئ منع تدوين الحديث ، مثلاً : عن ابن عمر أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم قال في الضبّ : لاآكله ولااُحلّه ولا اُحرّمه ، فقال زيد الأصم : قلت لابن عبّاس : إنّ اُناساً يقولون : إنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال في الضبّ... فقال : بئس ما قلتم ، ما بعث الله النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم محلّلاً ولا محرّماً. فهذا تكاذب بين ابن عبّاس وابن عمر.
وأيضاً : عن ابن عمر أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله وقف على قتلى في قليب بدر ، فقال : هل وجدتم ما وعد ربّكم حقّاً؟ ثمّ قال : إنّهم الآن يسمعون ما أقول ، فذكروه لعائشة ، فقالت : لا ، بل قال : إنّهم ليعلمون أنّ الذي كنت أقول لهم هو الحقّ. فهذا تكاذب بين عائشة وابن عمر.
ومثلاً : أراد عمر ضرب أبي موسى في خبر الاستئذان حتّى شهد له أبوسعيد . فهذا اتّهام من عمر لأبي موسى بالكذب.
ومثلاً : روى أبو هريرة أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : إنّ المرأة والكلب والحمار يقطعون الصلاة ، فمشت عائشة في خفّ واحد وقالت : لأحنثنّ أبا هريرة ، فهذاتكاذب بين عائشة وأبي هريرة.
وأيضاً روى أبو هريرة عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنّ الميّت على مَن غسَلَهُ الغُسل ، وعلى مَن حمله الوضوء ، فبلغ ذلك عائشة فقالت مستنكرة : أنجاس